ملكت العجين إذا أنعمت عجنه ؛ ومنه «ملك الإنسان» لأنه نوع قوة. ولفظ «الكلمة» قد يستعمل في اللفظة الواحدة وقد يراد بها الكلام الكثير المرتبط بعضه ببعض ، ومنه قولهم للقصيدة «كلمة» ، ومنه «كلمة الشهادة» و «كلمة الطيبة صدقة». ولأن المجاز خير من الاشتراك فإطلاق الكلمة على الكلام المركب مجاز إما من باب إطلاق الجزء على الكل ، وإما من باب المشابهة ، لأن الكلام المرتبط يشبه المفرد في الوحدة. وأفعال الله تعالى كلماته إما لأنه حدث بقوله ( كن ) أو لأنه حدث في زمان قليل كما تحدث الكلمة كذلك. وعند النحويين الكلمة لفظ وضع لمعنى مفرد. وفائدة القيود تذكر في ذلك العلم والكلام ما تضمن كلمتين بالإسناد. ومنكر والكلام النفسي اتفقوا على أن الكلام اسم لهذه الألفاظ والكلمات. والأشاعرة يثبتون الكلام النفسي ويقولون :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
وقد تسمى الكلمات والعبارات أحاديث لأن كل واحدة منها تحدث عقيب صاحبتها ، قال تعالى : ( فليأتوا بحديث مثله ) [الطور : 34] وجمع الكلمة «كلم» والتاء في الكلمة ليست للوحدة كاللبنة واللبن ، والرطبة والرطب ، لأن الرطب واللبن مذكر ، والكلم مؤنث. وتصغير رطب «رطيب» ، وتصغير «كلم» «كليمات» بالرد إلى كلمة ، ثم جمعه بالألف والتاء. وقد يكون الكلام مصدرا بمعنى التكليم كالسلامة بمعنى التسليم ، قال تعالى : ( يسمعون كلام الله ثم يحرفونه ) [البقرة : 75] فسره ابن عباس بتكليم الله موسى وقت المناجاة.
وأما الحرف ، فهو الواحد من حروف المعجم سمي «حرفا» لقلته ودقته ، ولذلك قيل : «حرف الشيء» لطرفه ، لأنه آخره والقليل منه. والحرف أيضا الناقة المهزولة ، وقد يقال للسمينة أيضا حرف فهو من الأضداد. والحرف اللغة أيضا ، قال عليه السلام : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (1). والحرف أيضا القراءة بكمالها والقصيدة بتمامها. والحرف أيضا أحد أقسام الكلمة ، وذلك أن الكلمة إن احتاجت في الدلالة على معناها الإفرادي إلى ضميمة نحو «من وقد» فهو حرف ، وإلا فإن كانت في أصل الوضع بهيئتها التصريفية على أحد الأزمنة الثلاثة الماضي والحال والاستقبال فهو فعل نحو «نصر وينصر» ، وإلا فهو اسم كالإنسان فإن معناه لا يقترن بالزمان أصلا ، ومثل «اليوم والساعة والزمان» فإن الزمان كل معناه ، ومثل «الصبوح والغبوق» لأن الزمان جزء معناه ، ومثل «علم وجهل وضرب» فإن
पृष्ठ 31