وهو لا يملك شيئا من حطام الدنيا، وقد نزل هو وزوجته عن كل ما يملكانه للفقراء.
وليس غاندي خطيبا، وهو في الخطابة مثله في الحياة ساذج لا يتشدق ولا يتفصح، فهو يخطب كما يتكلم، ومع ذلك يقنع سامعيه. وقد قال عنه سلفه ومعلمه في الوطنية جوكيل: «لقد صنع غاندي من مادة الأبطال والشهداء، لا بل هو أكثر من ذلك ، لأنه يملك تلك القوة الروحية التي تحيل العامة من الناس أبطالا وشهداء.»
بل لقد خطب بين العاهرات وطلب منهن أن يتركن البغاء وأن يقبلن على المغزل، فسمعن له، وأطعنه.
وقد جعل غاندي المغزل عبادة، وأصبح حتى صار الغني يمارسه وكأنه نوع من البر. وصارت السيدة الغنية تطرح الحرير وتلبس القماش الوطني، وقد رسخ في ذهنها أنها لا تخدم الوطن فقط بل تخدم الله. •••
وزوجة غاندي وأولاده هم تلاميذه يجرون على سنته، وهذه الزوجة تدعى «كستور باي» تزوجها وهو في الثانية عشرة من عمره، وهي امرأة ضئيلة تلبس القماش الهندي، وتجول في القرى، تدعو إلى الغزل وتحض على المساواة بين المنبوذين وسائر الهنود. ولما قبض على ولديها وزجا في السجن جاءتها خطابات التعزية والتشجيع من جميع أنحاء الهند، فكتبت في الصحف تقول: «قبض على اثنين فقط من أولادي، وهناك آلاف من أبناء الأمهات الهنديات قد قبض عليهم أيضا وهم الآن بين جدران السجون، وإذن ليس لي الحق في أن أسكب دموع الحزن ما دام كثير من الشباب قد غصبوا من أمهاتهم.»
ووقف ابنه «ديفانداس» في القفص أمام القاضي فقال: «إني أعلن بأن التهمة الموجهة إلي صحيحة، وكل ما قلته أو فعلته كان مني بسبق إصرار، وقد أتيت ما أتيت وأنا عارف بتبعة ما أفعل، ولذلك أطلب أقصى العقوبة.» •••
يبكر غاندي هو وتلاميذه في الصباح فيغتسلون، ثم يصلون، ويترنمون جماعة بالأناشيد المقدسة، وإليك واحدة من هذه الأناشيد التي يحبها غاندي: «لا يفتح الطريق إلى الله لغير الشجعان، وهو مقفل أبدا أمام الجبناء.
ولا يشرب من إناء الله غير ذلك الذي يترك ابنه وزوجته وثروته وحياته.
وفي الحق من طلب الجواهر كان عليه أن يغوص في أعماق البحار وقد وضع حياته في كفه.
وهو لن يخاف الموت، إذ هو ينسى شقاء الروح والجسم.
अज्ञात पृष्ठ