قال: أظنك مخطئا.
فسبقتني النكتة المصرية المعروفة فقلت : إن لم تصدقني تفضل فقس العمق وأعلمني النتيجة.
فاستطاب هذه النكتة، وجلس بجانبي نتحدث عن السياسة والتجارة والاستعمار، وأقوال الجرائد الإنكليزية، وقد استفرغت علمي وجهدي وفلسفتي فوضعتها في تلك المحادثة، فكان صاحبنا مسرورا، ولكن لماذا التواضع؟ إنه كان معجبا، فنادى رفقاءه الخمسة، وأقبلوا علي في حلقة يستفسروني ما صعب عليهم فهمه من مشاكل الشرق، فصرت أجيب بأبهة وفصاحة، ومر بي حين من الدهر حسبت أن أزمة الشرق في يدي.
وكان الرقص قد انتهت دورته الأولى، فانضم إلينا سيدات أربع؛ ثلاث متزوجات، ومس هدسون؛ فوسعنا حلقتنا، وأخذت أشرح لهم أنواع الرقص البدوي، وأخبرهم عن عادات البدو، وأخذن هن يستفسرنني ويصغين إلي إصغاء الأولاد إلى حكايات الجن.
إي والله، لقد كانت أخباري أقرب إلى حكايات الجن منها إلى أحاديث الآدميين. - وهذه العباءة كم تظنها تساوي يا مستر؟ - بكم اشتريتها يا سيدتي؟ - بأربعين شلن. - إنها لا تساوي أكثر من خمسة وثلاثين. - وهذا الشال كم ثمنه في بلادكم؟ - بكم ابتعته يا سيدتي؟ - بليرة إنكليزية. - أظن أنك مغلوبة، فنحن لا نبيعه بأكثر من نصف ليرة. وهكذا دار التثمين والتخمين حتى عزفت الموسيقى برقصة أتقنها - لا بل لا أتقن غيرها - فهلع قلبي. هو ذا في حلقتنا سيدات أربع، كلهن مشوقات إلى الرقص مع الغريب العجيب الذي يعرف الرقص البدوي، والخبير في ثمن الشالات والعباءات والنحاس والسجاد.
أنا أرقص مع سيدة إنكليزية؟
ومن هذه الطبقة، وفي هذا المجتمع؟
قلت لنفسي: «مكانك تحمدي أو فاستريحي.»
وشجعت نفسي، وانتخيت، وسألت مس هدسون الرقص؛ فمشت ومشيت، ورقصت ورقصت.
ثن وثلث يا شاطر حسن
अज्ञात पृष्ठ