وجلسنا متلذذين نمسخ اللغة الإفرنسية، وننهشها ونقطعها، ونمرغها بالحصى والتراب.
غير أني لم أخرج إلا وفي جيبي باص يوصي بي خيرا، سطره بخط يده، ومهره بختمه على الشمع الأحمر الكولونيل مورا كامي.
باص في مانيلا في أيام الاحتلال الياباني الأولى، كان أفعل من كارت شمدص جهجاه في دوائر الحكومة اللبنانية.
ذلك الباص دفع عني الخوف والجوع، كما سأحدثك ، وقربني إلى كثيرين من الناس، منهم يهودي حلبي اسمه عزرا ديان.
وقد رد لي الجميل عزرا ديان في لباقة وإهانة؛ إذ رجع أحد مهاجرينا من الفلبين في العام الماضي، وبلغني أن عزرا يهديني السلام، وأنه إن كان يلزمني باص ثان ليحميني في تجوالي، فإن عزرا يستحصل لي على مثل هذا الإذن من ابن عمه الجنرال ديان، وهو في الجيش الإسرائيلي اليوم، وكان - كما تذكر - قائد حامية القدس في أيام حرب فلسطين.
أغرب من الخيال، ولكنها وقائع.
زلزال الفلبين
هل النفس - كالأرض - أحشاؤها نيران فوارة، وقشرتها جماد تصلب، فلا يحس الجاهل - ولا يرى - إلا ما طفا عليها من حياة، حتى تشق النار بعض هذا الجماد فتثب بركانا، أو تخمد بعض تلك النار، متقلصة، فتهتز في رعشة أو زلزلة معيدة تكوم الأحشاء والأشياء بترتيب جديد، مدمرة بعض تلك القشرة، باطشة ببعض تلك الحياة الطافية؟
وهل الأرض كالنفس ذات أثرة وطلاسم لم تكشف بعد عن أسرارها؟
وهل نحن بعض هذي الحياة، بعض هذه القشرة، لا ننفعل إلا إذا جرحنا، أو ذعرنا، أو هالنا في أنانية الدفاع عن النفس، ولو حيال خطر موهوم، قتل ودمار، أو خشينا بعثرة تنتهي بترتيب جديد؟
अज्ञात पृष्ठ