381

Garden of the Devout

روضة العابدين

प्रकाशक

مكتبة الجيل الجديد

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

प्रकाशक स्थान

صنعاء - اليمن

शैलियों

وروي عنه أنّه قال في آخر خطبة خطبها- رحمة اللّه عليه-: "ألا ترون أنّكم في أسلاب الهالكين (^١)، ثمّ يرثها بعدكم الباقون كذلك، حتّى تردّ إلى خير الوارثين، وفي كلّ يوم تشيّعون غاديًا ورائحًا قد قضى نحبه، فتودّعونه وتدعونه في صدع-شق- من الأرض، غير ممهّد ولا موسّد، قد فارق الأحباب، وخلع الأسباب، وسكن التّراب، وواجه الحساب، غنيًّا عمّا خلّف، فقيرًا إلى ما قدّم. وكان ينشد هذه الأبيات:
من كان حين تُصيب الشّمسُ جبهتَه … أو الغبارُ يخاف الشَّين والشّعثا
ويألف الظّلَّ كي تبقى بشاشتُه … فكيف يسكن يومًا راغمًا جَدثًا؟
في ظلِّ مُقفرةٍ غبراءَ مظلمةٍ … يُطيلُ تحت الثّرى في غمِّه اللّبثا
تجهّزي بجهازٍ تبلغين به … يا نفسُ قبل الرّدى لم تخلقي عبثا (^٢).
وعن الفضيل بن عياض قال: رأيت رجلًا يبكي، قلت: وما يبكيك؟ قال: أبكاني كلامه. قلت: ما هو؟ قال: كنّا وقوفًا في المقابر فأنشدوا:
أتيتُ القبورَ فساءلتُها … فأين المعظَّم والمحتقرْ؟
وأين المُدلُّ بسلطانه؟ … وأين القويُّ إذا ما قدرْ
تفانَوا جميعًا فما مخبر … وماتوا جميعًا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس مضوا … أما لك فيما ترى معتبَر؟
تروح وتغدو بناتُ الثّرى … فتمحو محاسنَ تلك الصّور (^٣).
عن الحسن البصري أنّه مرّ به شابّ، وعليه بردة له حسنة فقال: "ابنُ آدم معجب

(^١) أسلاب: جمع سلب، والسلب: ما يُسلب، يقال: أخذ سلب القتيل ما معه من ثياب وسلاح ودابة. المعجم الوسيط (١/ ٤٤١).
(^٢) أهوال القبور، لابن رجب (ص: ٢٣٨).
(^٣) المرجع السابق (ص: ٢٢٠).

1 / 385