मक्की विजय
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
प्रकाशक
دار إحياء التراث العربي
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1418هـ- 1998م
प्रकाशक स्थान
لبنان
فإن تبدى فلا نجم ولا قمر . . . يلوح في الفلك العلوي مرتسما فهي فاتحة الكتاب لأن الكتاب عبارة من باب الإشارة عن المبدع الأول فالكتاب يتضمن الفاتحة وغيرها لأنها منه وإنما صح لها اسم الفاتحة من حيث أنها أول ما افتتح بها كتاب الوجود وهي عبارة عن المثل المنزه في ' ليس كمثله شيء ' بأن تكون الكاف عين الصفة فلما أوجد المثل الذي هو الفاتحة أوجد بعده الكتاب وجعله مفتاحا له فتأمل وهي أم القرآن لأن الأم محل الإيجاد والموجود فيها هو القرآن والموجد الفاعل في الأم فالإم هي الجامعة الكلية وهي أم الكتاب الذي عنده في قوله تعالى ' وعنده أم الكتاب ' فانظر عيسى ومريم عليهما السلام وفاعل الإيجاد يخرج لك عكس ما بدا لحسك فالأم عيسى والابن الذي هو الكتاب العندي أو القرآن مريم عليها السلام فافهم وكذلك الروح ازدوج مع النفس بواسطة العقل فصارت النفس محل الإيجاد حسا والروح ما أتاها الأمن النفس فالنفس الأب فهذه النفس هو الكتاب المرقوم لنفوذ الخط فظهر في الابن ما خط القلم في الأم وهو القرآن الخارج على عالم الشهادة والأم أيضا عبارة عن وجود المثل محل الأسرار فهو الرق المنشور الذي أودع فيه الكتاب المسطور المودعة فيه تلك الأسرار الإلهية فالكتاب هنا أعلى من الفاتحة إذ الفاتحة دليل الكتاب ومدلوها وشرف الدليل بحسب ما يدل عليه أرأيت لو كان مفتاحا لضد الكتاب المعلوم إن لو فرض له ضد حقر الدليل لحقارة المدلول ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو لدلالة تلك الحروف على كلام الله تعالى إذ قد سماها الحق كلام الله والحروف الذي فيه أمثالها وأمثال الكلمات إذا لم يقصد بها الدلالة على كلام الله يسافر بها إلى أرض العدو ويدخل بها مواضع النجاسات وأشباهها والكشف وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الصفات ظهرت في الوجود في واحد وواحد فحضرة تفرد وحضرة تجمع فمن البسملة إلى الدين إفراد وكذلك من اهدنا إلى الضالين وقوله إياك نعبد وإياك نستعين تشمل قال الله تعالى ' قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ' فلك السؤال ومنه العطاء كما أن له السؤال بالأمر والنهي ولك الامتثال يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي يقول العبد الرحمن الرحيم يقول الله أثنى علي عبدي يقول العبد ملك يوم الدين يقول الله مجدني عبدي ومرة قال فوض إلي عبدي هذا إفراد إلاهي وفي رواية يقول العبد بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله ذكرني عبدي ثم قال يقول العبد إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فما هي العطاء وإياك في الموضعين ملحق بالإفراد الإلهي يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهؤلاء لعبدي هذا هو الإفراد العبدي المألوه ولعبدي ما سأل سأل مألوه ما إلها فلم تبق إلا حضرتان فصح المثاني فظهرت في الحق وجودا وفي العبد الكلي إيجادا فوصف نفسه بها ولا موجود سواه في العماء ثم وصف بها عبده حين استخلفه ولذلك خروا له ساجدين لتمكن الصورة ووقع الفرق من موضع القدمين إلى يوم القيامة والقرآن العظيم الجمع والوجود وهو إفراده عنك وجمعك به وليس سوى قوله إياك نعبد وإياك نستعين وحسب والله يقول اعلحق وهو يهدي السبيل ' واقعة ' أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه إلى آمرا بالكلام في المنام بعد ما وقعت شفاعتي على جماعتي ونجا الكل من أسر الهلال وقرب المنبر الأسنى وصعدت عليه عن الأذن العالي المحمدي الأسمى بالاقتصار على لفظة الحمد لله خاصة ونزل التأييد ورسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمين المنبر قاعد فقال العبد بعد ما أنشد وحمد وأثنى وبسمل حقيقة الحمد هي العبد المقدس المنزه لله إشارة إلى الذات الأزلية وهو مقام انفصال وجود العبد من وجود الإله ثم غيبه عن وجوده بوجوده الأزلي وأوصله به فقال لله فاللام الداخلة على قوله الله الخافضة له هي حقيقة المألوه في باب التواضع والذلة وهي من حروف المعاني لا من حروف الهجاء ثم قدمها سبحانه على اسم نفسه تشريفا لها وتهمما وتنزيها لمعرفتها بنفسها وتصديقا لتقديم النبي صلى الله عليه وسلم إياها في قوله من عرف نفسه عرف ربه فقدم معرفة النفس على معرفة الرب ثم عملت في الاسم الله لتحقيق الاتصال وتمكينها من المقام ولما كانت في مقام الوصلة ربما توهم أن الحمد غير اللام فخفض العبد اتباعا لحركة اللام فقرئ الحمد لله بخفض الدال فكان لفظة الحمد بدلا من اللام بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة فالحمد هو وجود اللام واللام هي الحمد فإذا كانا شيأ واحدا كان الحمد في مقام الوصلة مع الله لأنه عين اللام فكان معنى كما كانت اللام لفظا ومعنى ثم حقيقة الخفض فيها إثبات العبودية ثم أحيانا يفنيها عن نفسها فناء كليا ليرفعها إلى المقام الأعلى في الأولية ثم يبقى حقيقتها في آخرية فيقول الحمد لله يرفع اللام اتباعا لحركة الدال وهذا مما يؤيد أن الحمد اللام وهو المعبر عنه بالرداء والثوب إذ كان هو محل الصفات وافتراق الجمع فغاية معرفة العباد أن تصل إليه إن وصلت والحق وراء ذلك كله أو قل ومع ذلك كله فلما رفعها عارضا في حق الحق فأبقى الهاء مكسورة تدل على وجود اللام في مقام خفض العبودية ولهذا شدت اللام الوسطى بلفظة لا أي ذات الحق ليست ذات العبد وإنما هي حقيقة المثل لتجلي كل شيء فإذا كانت اللام هي نفس الحمد والهاء معمول اللام فالهاء هي اللام وقد كانت اللام هي الحمد فالهاء الحمد بلا مزيد وقد قلنا أن اللام المشددة لنفي الجمع المتحد موضع الفصل فخرج من مضمون هذا الكلام أن الحمد هو قوله لله وأن قوله لله هو قوله الحمد فغاية العبد أن حمد نفسه الذي رأى في المرآة إذ لا طاقة للمحدث على حمل القديم فأحدث المثل على الصورة وصار الموحد مرآه فلما تجلت صورة المثل في مرآة الذات قال لها حين أبصرت الذات فعطست فميزت نفسها احمدي من رأيت فحمدت نفسها فقالت الحمد لله فقال لها يرحمك ربك يا آدم لهذا خلقتك فسبقت رحمته غضبه ولهذا قال عقيب قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم فقدم الرحمة ثم قال غير المغضوب عليهم فأخر غضبه فسبقت الرحمة الغضب في أول افتتاح الوجود فسبقت الرحمة إلى آدم قبل العقوبة على أكل الشجرة ثم رحم بعد ذلك فجاءت رحمتان بينهما غضب فتطلب الرحمتان أن تمتزجا لأنهما مثلان فانضمت هذه إلى هذه فانعدم الغضب بينهما كما قال بعضهم في يسرين بينهما عسر : ولما كانت في مقام الوصلة ربما توهم أن الحمد غير اللام فخفض العبد اتباعا لحركة اللام فقرئ الحمد لله بخفض الدال فكان لفظة الحمد بدلا من اللام بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة فالحمد هو وجود اللام واللام هي الحمد فإذا كانا شيأ واحدا كان الحمد في مقام الوصلة مع الله لأنه عين اللام فكان معنى كما كانت اللام لفظا ومعنى ثم حقيقة الخفض فيها إثبات العبودية ثم أحيانا يفنيها عن نفسها فناء كليا ليرفعها إلى المقام الأعلى في الأولية ثم يبقى حقيقتها في آخرية فيقول الحمد لله يرفع اللام اتباعا لحركة الدال وهذا مما يؤيد أن الحمد اللام وهو المعبر عنه بالرداء والثوب إذ كان هو محل الصفات وافتراق الجمع فغاية معرفة العباد أن تصل إليه إن وصلت والحق وراء ذلك كله أو قل ومع ذلك كله فلما رفعها عارضا في حق الحق فأبقى الهاء مكسورة تدل على وجود اللام في مقام خفض العبودية ولهذا شدت اللام الوسطى بلفظة لا أي ذات الحق ليست ذات العبد وإنما هي حقيقة المثل لتجلي كل شيء فإذا كانت اللام هي نفس الحمد والهاء معمول اللام فالهاء هي اللام وقد كانت اللام هي الحمد فالهاء الحمد بلا مزيد وقد قلنا أن اللام المشددة لنفي الجمع المتحد موضع الفصل فخرج من مضمون هذا الكلام أن الحمد هو قوله لله وأن قوله لله هو قوله الحمد فغاية العبد أن حمد نفسه الذي رأى في المرآة إذ لا طاقة للمحدث على حمل القديم فأحدث المثل على الصورة وصار الموحد مرآه فلما تجلت صورة المثل في مرآة الذات قال لها حين أبصرت الذات فعطست فميزت نفسها احمدي من رأيت فحمدت نفسها فقالت الحمد لله فقال لها يرحمك ربك يا آدم لهذا خلقتك فسبقت رحمته غضبه ولهذا قال عقيب قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم فقدم الرحمة ثم قال غير المغضوب عليهم فأخر غضبه فسبقت الرحمة الغضب في أول افتتاح الوجود فسبقت الرحمة إلى آدم قبل العقوبة على أكل الشجرة ثم رحم بعد ذلك فجاءت رحمتان بينهما غضب فتطلب الرحمتان أن تمتزجا لأنهما مثلان فانضمت هذه إلى هذه فانعدم الغضب بينهما كما قال بعضهم في يسرين بينهما عسر :
إذا ضاق عليك الأم . . . ر فكر في ألم نشرح فعسر بين يسرين . . . إذا ذكرته فافرح
पृष्ठ 161