मक्की विजय
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
प्रकाशक
دار إحياء التراث العربي
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1418هـ- 1998م
प्रकाशक स्थान
لبنان
ضعيف العصا بادي العروق ترى له . . . عليها إذا ما أمحل الناس أصبعا يقول ترى له عليها أثرا حسنا من النعمة بحسن النظر عليها تقول العرب ما أحسن أصبع فلان على ماله أي أثره فيه تريد به نمو ماله لحسن تصرفه فيه أسرع التقليب ما قلبته الأصابع لصغر حجمها وكمال القدرة فيها فحركتها أسرع من حركة اليد وغيره ولما كان تقليب الله قلوب العباد أسرع شيء أفصح صلى الله عليه وسلم للعرب في دعائه بما تعقل ولأن التقليب لا يكون إلا باليد عندنا فلذلك جعل التقليب بالأصابع لأن الأصابع من اليد في اليد والسرعة في الأصابع أمكن فكان عليه السلام يقول في دعائه ' يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ' وتقليب الله تعالى القلوب هو ما يخلق فيها من الهم بالحسن والهم بالسوء فلما كان الإنسان يحس بترادف الخواطر المتعارضة عليه في قلبه الذي هو عبارة عن تقليب الحق القلب وهذا لا يقدر الإنسان يدفع علمه عن نفسه لذلك كان عليه السلام يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وفي هذا الحديث إن أحدى أزواجه قالت له أو تخاف يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله يشير صلى الله عليه وسلم إلى سرعة التقليب من الإيمان إلى الكفر وما تحتهما قال تعالى فألهمها فجورها وتقواها وهذا الإلهام هو التقليب والأصابع للسرعة والأثنينية من لها خاطر الحسن وخاطر القبيح فإذا فهم من الأصابع ما ذكرته وفهمت منه الجارحة وفهمت منه النعمة والأثر الحسن فبأي وجه تلحقه بالجارحة وهذه الوجوه المنزهة تطلبه فإما نسكت ونكل علم ذلك إلى الله تعالى وإلى من عرفه الحق ذلك من رسول مرسل أو ولي ملهم بشرط نفي الجارحة ولابد وإما أن أدركنا فضول وغلب علينا إلا أن نرد بذلك على بدعي مجسم مشبه فليس بفضول بل يجب على العالم عند ذلك تبيين ما في ذلك اللفظ من وجوه التنزيه حتى تدحض به حجة المجسم المخذول تاب الله علينا وعليه ورزقه الإسلام فإن تكلمنا على تلك الكلمة التي توهم التشبيه ولابد فالعدول بشرحها إلى الوجه الذي يليق بالله سبحانه أولى هذا حظ العقل في الوضع ' نفث روح في روع ' الإصبعان سر الكمال الذاتي الذي إذا انكشف إلى الإبصار يوم القيامة يأخذ الإنسان أباه إذا كان كافر أو يرمي به في النار ولا يجد لذلك ألما ولا عليه شفقة بسر هذين الأصبعين المتحد معناهما المثنى لفظهما خلقت الجنة والنار وظهر اسم المنور والمظلم والمنعم والمنتقم فلا تتخيلهما اثنين من عشرة ولا بد من الإشارة إلى هذا السر في هذا الباب في كلتا يديه وهذه معرفة الكشف فإن أهل الجنة نعيمين نعيما بالجنة ونعيما بعذاب أهل النار في النار وكذلك أهل النار لهم عذابان وكلا الفريقين يرون الله رؤية الأسماء كما كانوا في الدنيا سواء وفي القبضتين اللتين جاءتا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الحق سر ما أشرنا إليه ومعناه وه يقول الحق وهو يهدي السبيل القبضة واليمين قال تعالى ' والأرض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه ' نظر العقل بما يقتضيه الوضع إنه منع أولا سبحانه أن يقدر قدره لما يسبق إلى العقول الضعيفة من التشبيه والتجسيم عند ورود الآيات والأخبار التي تعطي من وجه ما من وجوهها ذلك ثم قال بعد هذا التنزيه الذي لا يعقله إلا العالمون والأرض جميعا قبضته عرفنا من وضع اللسان العربي أن يقال فلان في قبضتي يريد أنه تحت حكمي وإن كان ليس في يدي منه شيء البتة ولكن أمري فيه ماض وحكمي عليه قاض مثل حكمل على ما ملكته يدي حسا وقبضت عليه وكذلك أقول مالي في قبضتي أي في ملكي وإني متمكن في التصرف فيه أي لا يمنع نفسه مني فإذا صرفته ففي وقت تصرفي فيه كان أمكن لي أن أقول هو في قبضتي لتصرفي فيه وإن كان عبيدي هم المتصرفون فيه عن إذني فلما اصتحالت الجارحة على الله تعالى عدل العقل إلى روح القبضة ومعناها وفائدتها وهو ملك ما قبضت عليه في الحال وإن لم يكن لها أعني للقابض فيما قبض عليه شيء ولكن هو في ملك القبضة قطعا فهكذا العالم في قبضة الحق تعالى والأرض في الدار الآخرة تعيين بعض الأملاك كما نقول خادمي في قبضتي وإن كان خادمي من جملة من في قبضتي فإنما ذكرته اختصاصا لوقوع نازلة ما واليمين عندنا محل التصريف المطلق القوي فإن اليسار لا يقوى قوة اليمين فكنى باليمين عن التمكن من الطي فهي إشارة إلى تمكن القدرة من الفعل فوصل إلى أفهام العرب بألفاظ تعرفها وتسرع بالتلقي لها قال الشاعر : قي لها قال الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد . . . تلقاها عرابة باليمين
وليس للمجد راية محسوسة فلا تتلقاها جارحة يمين فكأنه يقول لو ظهر للمجد راية محسوسة لما كان محلها أو حاملها إلا يمين عرابة الأوسي أي صفة المجد به قائمة وفيه كاملة فلم تزل العرب تطلق ألفاظ الجوارح على ما لا يقبل الجارحة لاشتراك بينهما من طريق المعنى ' نفث روح في روع ' إذا تجلى الحق لسر عبد ملكه جميع الأسرار وألحقه بالأحرار وكان له التصرف الذاتي من جهة اليمين فإن شرف الشمال بغيره وشرف اليمين بذاته ثم أنزل شرف اليمين الخطاب وشرف الشمال بالتجلي شرف الإنسان بمعرفته بحقيقته وإطلاعه عليها وهو الاليسار وكلتا يديه من حيث هو شمال كما كلتى يدي الحق يمين ارجع إلى معنى الاتحاد كلتا يدي العبد يمين ارجع إلى التوحيد إحدى يديه يمين والأخرى شمال فتارة أكون في الجمع وجمع الجمع وتارة أكون في الفرق وفي فرق الفرق على حكم التجلي والوارد :
पृष्ठ 143