मक्की विजय

इब्न अरबी d. 638 AH
148

मक्की विजय

الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية

प्रकाशक

دار إحياء التراث العربي

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

1418هـ- 1998م

प्रकाशक स्थान

لبنان

ولاستحل رجال مسلمون دمي . . . يرون أقبح ما يأتونه حسنا فنبه بقوله يعبد الوثنا على مقصوده ينظر إليه تأويل قوله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم على صورته بإعادة الضمير على الله تعالى وهو من بعض محتملاته بالله يا أخي انصفني فيما أقوله لك لا شك إنك قد أجمعت معي على أنه كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار في كل ما وصف به فيها ربه تعالى من الفرح والضحك والتعجب والتبشبش والغضب والتردد والكراهة والمحبة والشوق إن ذلك وأمثاله يجب الإيمان به والتصديق فلو هبت نفحات من هذه الحضرة الإلهية كشفا وتجليا وتعريفا إلهيا على قلوب الأولياء بحيث أن يعلموا بأعلام الله وشاهدوا بأشهاد الله من هذه الأمور المعبر عنها بهذه الألفاظ على لسان الرسول وقد وقع الإيمان مني ومنك بهذا كله إذا أتى بمثله هذا الولي في حق الله تعالى ألست تزندقه كما قال الجنيد ألست تقول إن هذا مشبه هذا عابد وثن كيف وصف الحق بما وصف به المخلوق ما فعلت عبدة الأوثان أكثر من هذا كما قال علي بن الحسين ألست كنت تقتله أو تفتي بقتله كما قال ابن عباس فبأي شيء آمنت وسلمت لما سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الله من الأمور التي تحيلها الأدلة العقلية ومنعت من تأويلها والأشعري تأولها على وجوه من التنزيه في زعمه فأين الإنصاف فهلا قلت القدرة واسعة أن تعطي لهذا الولي ما أعطت للنبي من علوم الأسرار فإن ذلك ليس من خصائص النبوة ولا حجر الشارع على أمته هذا الباب ولا تكلم فيه بشيء بل قال إن يكن في أمتي محدثون فعمر منهم فقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم إن ثم من يحدث ممن ليس بنبي وقد يحدث بمثل هذا فإنه خارج عن تشريع الأحكام من الحلال والحرام فإن ذلك أعني التشريع من خصائص النبوة وليس الاطلاع على غوامض العلوم الإلهية من خصائص نبوة التشريع بل هي سارية في عباد الله من رسول وولي وتابع ومتبوع يا ولي فأين الإنصاف منك أليس هذا موجودا في الفقهاء وأصحاب الأفكار الذين هم فراعنة الأولياء ودجاجلة عباد الله الصالحين والله يقول لمن عمل منا بما شرع الله له إن الله يعلمه ويتولى تعليمه بعلوم أنتجتها أعماله قال تعالى ' واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم وقال ' إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ' ومن أقطاب هذا المقام عمر بن الخطاب وأحمد بن حنبل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في عمر بن الخطاب يذكر ما أعطاه الله من القوة يا عمر ما لقيك الشيطان في فج إلا سلك فجا غير فجك فدل على عصمته بشهادة المعصوم وقد علمنا إن الشيطان ما يسلك قط بنا إلا إلى الباطل وهو غير فج عمر بن الخطاب فما كان عمر يسلك إلا فجاج الحق بالنص فكان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم في جميع مسالكه وللحق صولة ولما كان الحق صعب المرام قويا حمله على النفوس لا تحمله ولا تقبله بل تمجه وترده لهذا قال صلى الله عليه وسلم ما ترك الحق لعمر من صديق وصدق صلى الله عليه وسلم يعني في الظاهر والباطن أما في الظاهر فلعدم الإنصاف وحب الرياسة وخروج الإنسان عن عبوديته واشتغاله بما لا يعنيه وعدم تفرغه لما دعي إليه من شغله بنفسه وعيبه عن عيوب الناس وأما في الباطن فما ترك الحق لعمر في قلبه من صديق فما كان له تعلق إلا بالله ثم الطامة الكبرى إنك إذا قلت لواحد من هذه الطائفة المنكرة اشتغل بنفسك يقول لك إنما أقوم حماية لدين الله وغيرة له والغيرة لله من الإيمان وأمثال هذا ولا يسكن ولا ينظر هل ذلك من قبيل الإمكان أم لا أعني أن يكون الله قد عرف وليا من أوليائه بما يجريه في خلقه كالخضر ويعلمه علوما من لدنه تكون العبارة عنها بهذه الصيغ التي ينطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الخضر وما فعلته عن أمري وآمن هذا المنكر بها على زعمه إذ جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لو كان مؤمنا بها ما أنكرها على هذا الولي لأن الشارع ما أنكر إطلاقها في جناب الحق من استواء ونزول ومعية وضحك وفرح وتبشبش وتعجب وأمثال ذلك وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قط إنه حجرها على أحد من عباد الله بل أخبر عن الله أنه يقول لنا ' لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ' ففتح لنا وندبنا إلى التأسي به صلى الله عليه وسلم وقال ' فاتبعوني يحببكم الله ' وهذا من اتباعه والتأسي به فمن التأسي به إذا ورد علينا من الحق سبحانه وارد حق فعلمنا من لدنه علما فيه رحمة حبانا الله بها وعناية حيث كنا في ذلك على بينة من ربنا ويتلوها شاهد منا وهو اتباعنا سنته وما شرع لنا لم نخل بشيء منها ولا ارتكبنا مخالفة بتحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل فنطلب لذلك المعلوم الذي علمناه من جانب الحق أمثال هذه العبارات النبوية لنفصح بها عن ذلك ولاسيما إذا سئلنا عن شيء من ذلك لأن الله أخبر عمن هذه صفته أنه يدعو إلى الله على بصيرة فمن التأسي المأمور به برسول الله صلى الله عليه وسلم أن نطلق على تلك المعاني هذه الألفاظ النبوية إذ لو كان في العبارة عنها ما هو أفصح منها لأطلقها صلى الله عليه وسلم فإنه المأمور بتبيين ما أنزل به علينا ولا نعدل إلى غيرها لما نريده من البيان مع التحقق بليس كمثله شيء فإنا إذا عدلنا إلى عبارة غيرها ادعينا بذلك أنا أعلم بحق الله وأنزه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أسوأ ما يكون من الأدب ثم إن المعنى لابد أن يختل عند السامع إذ كان ذلك اللفظ الذي خالفت به لفظ من كان أفصح الناس وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن لا يدل على ذلك المعنى بحكم المطابقة فشرع لنا التأسي وغاب هذا المنكر المكفر من أتى بمثل هذا عن النظر في هذا كله وذلك لأمرين أو لأحدهما إن كان عالما فلحسد قام به قال تعالى ' حسدا من عند أنفسهم ' وإن كان جاهلا فهو بالنبوة أجهل يا ولي لقينا من أقطاب هذا المقام بجبل أبي قبيس بمكة في يوم واحد ما يزيد على السبعين رجلا وليس لهذه الطبقة تلميذ في طريقهم أصلا ولا يسلكون أحدا بطريق التربية لكن لهم الوصية والنصيحة ونشر العلم فمن وفق أخذ به ويقال إن أبا السعود بن الشبل كان منهم وما لقيته ولا رأيته ولكن شممت له رائحة طيبة ونفسا عطريا وبلغني أن عبد القادر الجيلي وكان عدلا قطب وقته شهد لمحمد بن قائد الأواني بهذا المقام كذا نقل إلي والعهدة على الناقل فإن ابن قائد زعم أنه ما رأى هناك أمامه سوى قدم نبيه وهذا لا يكون إلا لأفراد الوقت فإن لم يكن من الأفراد فلابد أن يرى قدم قطب وقته إمامه زائدا على قدم نبيه إن كان إماما وإن كان وتدا فيرى إمامه ثلاثة أقدام وإن كان بدلا يرى أربعة أقدام وهكذا إلا أنه لابد أن يكون في حضرة الاتباع مقاما فإذا لم يقم في حضرات الاتباع وعدل بهه عن يمين الطريق بين المخدع وبين الطريق فإنه لا يبصر قدما أمامه وذلك هو طريق الوجه الخاص الذي من الحق إلى كل موجود ومن ذلك الوجه الخاص تنكشف للأولياء هذه العلوم التي تنكر عليهم ويزندقون بها ويزندقهم بها ويكفرهم من يؤمن بها إذا جاءته عن الرسل وهي العلوم عينها وهي التي ذكرناها آنفا ولأصحاب هذا المقام التصريف والتصرف في العالم فالطبقة الأولى من هؤلاء تركت التصرف لله في خلقه مع التمكن وتولية الحق لهم إياه تمكنا لا أمرا لكن عرضا فلبسوا الستر ودخلوا في سرادقات الغيب واستتروا بحجب العوائد ولزموا العبودة والافتقار وهم الفتيان الظرفاء الملاهتية الأخفياء الأبرياء وكان أبو السعود منهم كان رحمه الله ممن امتثل أمر الله في قووله تعالى ' فاتخذه وكيلا ' فالوكيل له التصرف فلو أمر امتثل الأمر هذا من شأنهم وأما عبد القادر فالظاهر من حاله أنه كان مأمورا بالتصرف فلهذا ظهر عليه هذا هو الظن بأمثاله وأما محمد الأواني فكان يذكر أن الله أعطاه التصرف فقبله فكان يتصرف ولم يككن مأمورا فابتلى فنقصه من المعرفة القدر الذي علا أبو السعود به عليه فنطق أبو السعود بلسان الطبقة الأولى من طائفة الركبان وسميناهم أقطابا لثبوتهم ولأن هذا المقام أعني مقام العبودة يدور عليهم لم أرد بقطبيتهم إن لهم جماعة تحت أمرهم يكونون رؤساء عليهم وأقطابا لهم هم أجل من ذلك وأعلى فلا رياسة أصلا لهم في نفوسهم لتحققهم بعبوديتهم ولم يكن لهم أمر إلهي بالتقدم فما ورد عليهم فيلزمهم طاعته لما هم عليه من التحقق أيضا بالعبودية فيكونون قائمين به في مقام العبودية بامتثال أمر سيدهم وأما مع التخيير والعرض أو طلب تحصيل المقام فإنه لا يظهر به إلا من لم يتحقق بالعبودة التي خلق لها فهذا يا ولي قد عرفتك في هذا الباب بمقاماتهم وبقي التعريف بأصولهم وتعيين أحوال الأقطاب المدبرين من الطبقة الثانية منهم نذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

الباب الحادي والثلاثون في معرفة أصول الركبان

حدب الدهر علينا وحنا . . . ومضى في حكمه وما ونى

وعشقناه فغنينا عسى . . . يطرب الدهر بإيقاع الغنا

نحن حكمناك في أنفسنا . . . فاحكم إن شئت علينا أو لنا

ولقد كان له الحكم وما . . . كان ذاك الحكم للدهر بنا

فشفيعي هو دهري والذي . . . صرف الدهر كذا صرفنا

فركبنا نطلب الأصل الذي . . . جعل السر لدينا علنا

فلنا منه الذي حركنا . . . وله منا الذي سكننا

حركات الدهر فينا شهدت . . . إنه قال له ما سكنا

पृष्ठ 263