फुतूह मिस्र व-अल-मगरिब
فتوح مصر والمغرب
प्रकाशक
مكتبة الثقافة الدينية
وأمروا بقطع الجسر «١» من «٢» الفسطاط؛ وبالجزيرة «٣» وبالقصر من جمع «٤» القبط والروم جمع كثير، فألحّ عليهم المسلمون عند ذلك بالقتال على من فى القصر حتى ظفروا بهم، وأمكن الله منهم، فقتل منهم خلق كثير، وأسر من أسر، وانحازت السفن كلّها إلى الجزيرة، وصار المسلمون قد أحدق بهم الماء من كل وجه «٥»، لا يقدرون على أن ينفذوا «٦» نحو الصعيد، ولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى، والمقوقس يقول لأصحابه: ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم؟ ما تنتظرون! فو الله لتجيبنّهم «٧» إلى ما أرادوا طوعا أو لتجيبنهّم «٧» إلى ما هو أعظم منه كرها، فأطيعونى من قبل أن تندموا.
فلما رأوا منهم ما رأوا، وقال لهم المقوقس ما قال، أذعنوا بالجزية، ورضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه، وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص: إنى لم أزل حريصا على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التى أرسلت إلىّ بها، فأبى ذلك علىّ من حضرنى من الروم والقبط، فلم يكن لى أن أفتات عليهم فى أموالهم، وقد عرفوا نصحى لهم وحبّى صلاحهم، ورجعوا إلى قولى، فأعطنى أمانا أجتمع أنا وأنت فى نفر من أصحابى وأنت فى نفر من أصحابك، فإن استقام الأمر بيننا تمّ ذلك لنا جميعا؛ وإن لم يتمّ رجعنا إلى ما كنّا عليه.
فاستشار عمرو أصحابه فى ذلك فقالوا: لا نجيبهم إلى شىء من الصلح ولا الجزية، حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلّها لنا فيئا وغنيمة، كما صار لنا القصر وما فيه، فقال عمرو: قد علمتم ما عهد إلىّ أمير المؤمنين فى عهده، فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التى عهد إلىّ فيها أجبتهم إليها، وقبلت منهم، مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم. فاجتمعوا على عهد بينهم، واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران ديناران عن كل نفس شريفهم
1 / 92