फुतूह मिस्र व-अल-मगरिब

इब्न अब्द अल-हकम d. 257 AH
82

फुतूह मिस्र व-अल-मगरिब

فتوح مصر والمغرب

प्रकाशक

مكتبة الثقافة الدينية

(* ثم رجع إلى حديث يحيى بن أيّوب، وخالد بن حميد، قال: فأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاص إنكم قوم قد ولجتم فى بلادنا، وألححتم على قتالنا، وطال مقامكم فى أرضنا، وإنما أنتم عصبة يسيرة، وقد أظلّتكم الروم وجهّزوا إليكم ومعهم من العدّة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل، وإنما أنتم أسارى فى أيدينا، فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم «١»، فلعلّه أن يأتى الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبّون ونحبّ، وينقطع عنّا وعنكم هذا القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه، ولعلّكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفا لطلبتكم ورجائكم، فابعث إلينا رجالا من أصحابكم «٢» نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شىء. فلما أتت عمرو ابن العاص رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوقس، فقال لأصحابه: أترون أنهم يقتلون الرسل، ويحبسونهم «٣»، ويستحلّون ذلك فى دينهم؟ وإنما أراد عمرو بذلك أن يروا حال المسلمين، فردّ عليهم عمرو مع رسله، أنه ليس بينى وبينكم إلّا إحدى ثلاث خصال: إمّا أن دخلتم «٤» فى الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم ما لنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإمّا أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. فلما جاءت رسل المقوقس إليه، قال: لهم كيف رأيتموهم؟ قالوا: رأينا قوما الموت أحبّ إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحبّ إليه من الرفعة، ليس لأحدهم فى الدنيا رغبة ولا نهمة «٥» إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركّبهم وأميرهم كواحد منهم، ما يعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيّد فيهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلّف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويتخشّعون فى صلاتهم. فقال عند ذلك المقوقس: والذي يحلف به لو أنّ هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها،

1 / 87