- أو يعلم ذلك - لكونه سأل عن الماهية ، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما(1) ، فلذلك (2) أجاب. ولو(3) علم منه غير ذلك لخطأه في السؤال. فلما جعل موسى المسؤول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان(4) والقوم لا يشعرون . فقال له " لئن اتخذت إلهأ غيري لأجعلنك من المسجونين" والسين في "السجن " من حروف الزوائد: أي لأسترنك: فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول. فإن قلت لي : فقد جهلت يا فرعون (1-99) بوعيدك إياي ، والعين واحدة ، فكيف فرقت ، فيقول فرعون إنما فرقت المراتب،(5) العين ، ما تفرقت العين ولا انقسمت في ذاتها. ومرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل ، وأنا أنت بالعين وغيرك بالرتبة . فلما فهم(6) ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه (7) يقول له لا تقدر على ذلك ، والرتبة (8) تشهد له بالقدرة عليه وإظهار الأثر فيه : لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة الظاهرة ، لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس . فقال له ، يظهر(10) له المانع من تعديه عليه ، " أو لو جئتك بشيء مبين " . فلم يسع فرعون إلا أن يقول له " فأت به إن كنت من الصادقين " حتى لا يظهر فرعون عند الضعفاء الرأي من قومه (11) بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه ، وهي الطائفة التي استخفها(12) فرعون فأطاعوه "إنهم كانوا قوما فاسقين " : أي خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر (13) في العقل
पृष्ठ 209