العُزّاب ليعلموا البنات، فكنا كمَن يُدْني سلكتي الكهرباء (١) حتى تنقدح شرارتهما، ويضع إلى جانبهما البارود ثم ينام الأحمق آمنًا من الانفجار. ما بقي والله إلا أن نجيء بالبنات ليعلّمنَ الشباب، وما دمنا نمشي على هذا الطريق فما بقي شيء عجيب، وكل آت قريب!
اللهم الطف بنا ولا تكلنا إلى أنفسنا، ولا تسلط علينا سفهاءنا، يا رب.
* * *
أما الأسواق فلقد كانت فيها التجارة فصار فيها الاحتكار، وكان فيها قوم منا يجلبون لنا أرزاقنا، فصار فيها أعداء لنا، يسرقون فيخزنون أقواتنا ليجمعوا القروش من جيوبنا فيجعلوها ذهبًا في صناديقهم. ولقد انتهت الحرب وحل السلام، ولا يزال هؤلاء الفُجّار الأشرار يرفعون الأسعار ويكوون الفقراء بالنار، لا يعرفون الإنصاف ولا الرحمة ولا الإنسانية.
* * *
أما دواوين الحكومة فقد نسي من فيها أنهم أُجَراء الناس، يأكلون الخبز من فضل أيديهم ويجلسون مجالسهم هذه لخدمة مصالحهم، وحسبوا أنهم ملوك والناس لهم خَوَل، وسادة وهم لهم عبيد. ثم لم يكفِ أكثرَهم ما يأخذون من وقت من يرجع في حاجته إليهم ومن كرامة نفسه حتى أخذوا الرشوة من جيبه،
_________
(١) السلك جمع والناس يظنونه فردًا، والواحدة سلكة، وهي الخيط.
1 / 40