لأنه لم يأخذه لنفسه، والحدود تدرأ بالشبهات. ومن سرق ريالًا أو بطيخة لا يُقطَع لأن الذي سرقه تافه قليل الثمن.
ومن باب درء الحدود بالشبهات ما فعله عمر من ترك القطع عام الرّمادة، لأن الأمر بلغ بكثير من الناس في تلك السنة إلى حال الاضطرار وجواز أكل الميتة.
ومن الناس من يقول إن قطع اليد عقوبة وحشية لا تليق بهذا العصر. وجوابنا: أولًا: أن هذا حكم الله، فإن رأيتموه وحشيًا أو غير وحشي، وإن أعجبكم أو لم يعجبكم، فإننا لا نستطيع أن نتركه ولا أن نلغيه. وهل تريدون أن نصدر مرسومًا نقرر فيه إلغاء آية القطع من القرآن ومحوها من الطبعات الجديدة من المصاحف ومنع تلاوتها؟!
ونقول ثانيًا: هل رقبة الإنسان أعزّ عليه أم يده؟ فلماذا تسمحون أن نقطع رقبته عقوبة له على بعض الجرائم، وتستنكرون أن نقطع يده عقوبة على بعضها؟
ونقول ثالثًا: إننا لا نحتاج إلا لقطع يد أو يدين كل عشر سنين، ثم يعمّ الأمن وتبطل السرقات. وهذا ما رأيناه بأعيننا في هذه المملكة أيام الملك عبد العزيز ﵀، لمّا جئناها من نحو ثلاثين سنة؛ كنت تترك مالك في الصحراء على الطريق العام، وتغيب عنه شهرًا ثم تعود إليه فتجده على حاله ما مسّته يد. لقد كتبت يومئذ أقول إن الصحراء صارت على عهد عبد العزيز آمَنَ من ميدان النجم في باريس، وكانت كلمة حق.
* * *