الفصل الأول الحالة العلمية والدينية
في الواقع أن عصر المؤلف الذي ولد فيه وترعرع وشب وبلغ أشده وشاخ، عصر يتشوق له ولمثله المسلم في عصرنا الحاضر، إذ به ارتفعت رايات العلم في كل بلد من العراق وخاصة في بغداد -وفي كل مسجد وسوق، وصار هو العمل الناجح والمحبب والمطلوب لدى الغالبية من الناس، عصر كأنه أوجد لنبوغ العلماء وعلو الهمم ومحو الأفكار، وكأن الناس خلقوا للبحث والعلم والجد والاجتهاد والمنافسة، عصر المؤلف عصر أناس فهموا العلم وقيمته، أعطوه حقه فأعطوا جزائهم، تعبوا فأدركوا مقصودهم، سهروا فحصلوا مرادهم، أقبلوا على العلم فقابلهم، خدموا العلم فخدمهم، أحسنوا إليه فعرف الله ذلك منهم فبلغهم مقاصدهم، ولم يكن ذلك كله مقصورًا على فئة دون فئة، فقد كان الخلفاء يجارون غيرهم في ذلك مع وجود فوارق يسيرة بسبب مسئوليتهم عن الخلافة وتدبير الأمور.
ولقد كانت المذاهب الفقهية في ذلك الوقت منتشرة انتشارًا متفاوتًا، فقد كان بعض المذاهب أكثر انتشارًا من الآخر.
وفي هذا الفصل سأقسم حديثي إلى ثلاثة مباحث:
الأول: حالة الخلفاء علميًّا ودينيًّا.
الثاني: حالة غير الخلفاء علميًّا ودينيًّا.
الثالث: المذاهب الفقهية في ذلك الوقت.
1 / 21