حديث بدو حال النجاشي
[80] أخبرنا أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أيوب النقاش ، حدثنا عبد الله بن محمد بن سلام ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق ، يقول : حدثني الزهري ، أن عروة ، حدثه قال : قالت عائشة ، رضي الله عنها لي : " أتدري ما قول النجاشي : ما أخذ الله مني رشوة على ديني ؟ فقلت : لا ، فقالت : كان ابن ملك قومه ، لم يكن له ولد غيره ، وكان له أخ له اثنا عشر ذكرا ، فقالت الحبشة : هذا بيت مملكتكم ، وإنما لملككم ولد واحد ، فنخشى أن يهلك ، فتختلف الحبشة بعده ، حتى تفنى ، فهل لكم أن نقتله ونملك أخاه ، فأجمعوا على ذلك ، فعدوا عليه ، فقتلوه ، وملكوا أخاه ، وكان النجاشي ذا رأي ودهاء وفهم ، ولم يكن عمه يقطع أمرا دونه ، فلما رأت الحبشة ذلك ، قالوا : والله ، ليستبدن هذا الغلام أمركم ، ولئن فعل لا يبقى منكم شريف إلا ضرب عنقه ، فإنه قد عرف أنكم أصحاب أبيه ، الذين قتلوه ، فقالوا لعمه : إنا لنرى مكان هذا الغلام منك ، وطاعتك إياه ، وإنه قد خفنا على أنفسنا ، فإما أن تقتله ، وإما أن تخرجه من بلادنا ، فقال : ويحكم قتلنا أباه بالأمس ، ونقتله اليوم أما قتله فلست بقاتله ، ولكني سوف أخرجه من بلادكم ، فأمر به ، فوقف في السوق ، فاشتراه تاجر من التجار بست مئة درهم ، فدفع إليهم المال ، وانطلق بالغلام معه ، فلما كانت العشية ، هاجت سحابة من سحاب الخريف ، فخرج عمه يستمطر تحتها ، فأصابته صاعقة ، فقتلته ، وفزعوا إلى بنيه ، فإذا ليس في أحد منهم خير ، فقالت الحبشة : تعلمن والله إن ملككم الغلام الذي بعتم في صدر يومكم ، ولئن فاتكم ليفسدن أمركم ، فأدركوه ، فطلبوه ، فردوه ، ووضعوا على رأسه التاج ، فأجلسوه على سرير الملك ، وبايعوه ، فلما فعلوا ذلك قال لهم التاجر : ردوا علي مالي ، أو أسلموا إلي غلامي ، فقالوا : والله لا نعطيك شيئا ، قد عرفت مكان صاحبك ، فأنت وذاك ، فقال : والله ، لئن لم تفعلوا لأكلمه ، فأبوا عليه ، فأقبل يمشي حتى جلس بين يديه ، فقال : أيها الملك ، ابتعت غلاما علانية ، غير سر ، بسوق من الأسواق ، فأعطيتهم الثمن ، وسلموا إلي الغلام ، ثم عدي علي ، فانتزع غلامي مني ، وأمسك عني مالي ، فانظر ماذا ترى ؟ فالتفت إلى من حوله ، فقال : لتعطينه ماله ، أو ليسلمن الغلام في يده ؛ ليذهبن معه ، فقالوا : نعطيه ماله . فذاك أول ما عرف من صدقه ، وعدله ، وصلابته في الحكم ، فذلك قوله : ما أخذ الله مني رشوة ، حين رد علي ملكي ، ولا أطاع الناس في ، فأطيعهم فيه " *
पृष्ठ 175