نص الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد الأزدري قال: قال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجزي: سمعت الأصمعي عبد الملك بن قريب غير مرة يفضل النابغة الذبياني على سائر شعراء الجاهلية، وسألته آخر ما سألته قبيل موته: من أول الفحول؟ قال: النابغة الذبياني.. ثم قال: ما أرى في الدنيا لأحد مثل قول امرىء القيس:
وقاهم جدهم ببنى أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب
قال أبو حاتم: فلما رآني أكتب كلامه فكر ثم قال: بل أولهم كلهم في الجودة امرؤ القيس، له الخطوة والسبق، وكلهم أخذوا من قوله، واتبعوا مذهبه.. وكأنه جعل النابغة الذبياني من الفحول.
قال أبو حاتم: قلت فما معنى الفحل؟ قال: يريد أن له مزية على غيره، كمزية الفحل على الحقاق.
قال: وبيت جرير يدلك على هذا:
وابن اللبون إذا ما لز في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
قال أبو حاتم: وسأله رجل أي الناس طرا أشعر؟ قال: النابغة، قال: تقدم عليه أحدا؟ قال: لا ، ولا أدركت العلماء بالشعر يفضلون عليه أحدا.
قلت: فزهير بن أبي سلمى قال: اختلف فيه وفيهما .. ثم قال: لا.
قال أبو عمرو: وسأله رجل وأنا أسمع: النابغة اشعر أم زهير؟ فقال: ما يصلح زهير أن يكون أجيرا للنابغة.. ثم قال: أوس بن حجر أشعر من زهير، ولكن النابغة طأطأ منه.
قال أوس: بجيش ترى منه الفضاء معضلا في قافية..
وقال النابغة، فجاء بمعناه في نصف بيت وزاد شيئا آخر، فقال:
جيش يظل به الفضاء معضلا ... يدع الإكام كأنهن صحارى
قال أبو حاتم: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا شيخ من أهل نجد قال: كان طفيل الغنوى يسمى في الجاهلية محبرا لحسن شعره، قال: " وطفيل عندي في بعض شعره أشعر من امرىء القيس " الأصمعي يقو له، ثم قال: " وقد أخذ طفيل من امرىء القيس شيئا " قال: " ويقال إن كثيرا من شعر امرىء القيس لصعاليك كانوا معه " .
قال: " وكان عمرو بن قميئة دخل معه الروم إلى قيصر " ، قال : وكان معاوية بن أبي سفيان يقول: " دعو لي طفيلا، فإن شعره أشبه بشعر الأولين من زهير وهو فحل " ثم قال: " من العجب أن النابغة الذبياني لم ينعت فرسا قط بشيء إلا قوله: صفر مناخرها من الجرجار قال: " ولم يكن النابغة وأوس وزهير يحسنون صفة الخيل، ولكن طفيل الخيل غاية في النعت، وهو فحل " .. ثم أنشد له:
يراد على فأس اللجام كأنما ... يراد به مرقاة جذع مشذب
قوله يراد على فأس اللجام " ، تقول راودته على كذا: أي حاولته عليه، ويقال أردته أيضا، وإنما يصف عنقه... وهو جيد الصفة للخيل جدا.
قال: والنابغة الجعدى فحل.. ثم أنشد: يشد الشئون أو أراد ليزفرا وقد أحسن في قصيدته التي يقول فيها:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
قلت: " ما مذهبه في ذا؟ فإن هذا البيت يدخل في شعر غيره، قال: لما قال سوار بن الحياء القشيري: " ومنا ناشد رجله، ومنا الذي أسر حاجيا، ومنا الذي سقى اللبن " .
قال النابغة حينئذ: تلك المكارم لا قعبان من لبن قال الأصمعي: " لو كانت هذه القصيدة للنابغة الأكبر بلغت كل مبلغ " .
قلت : فالأعشى، أعشى بنى قيس بن ثعلبة؟ قال: ليس بفحل.. قلت: فعلقمة بن عبدة؟ قال فحل.
قلت: فالحارث بن حلزة؟ قال: فحل.
قلت: فعمرو بن كلثوم؟ قال: ليس بفحل.
قلت: فالمسيب بن علس؟ قال: فحل.
قلت: فعدى بن زيد، أفحل هو؟ قال: ليس بفحل ولا أنثى. قال أبو حاتم: وإنما سألته لأنى سمعت ابن مناذر لا يقدم عليه أحدا.
قلت: فحسان بن ثابت؟ قال: فحل قلت: فقيس بن الخطيم؟ قال: فحل.
قلت: فالمرقشان؟ قال: فحلان.
قلت: فابن قميئة؟ قال: فحل.. قال: هو قميئة بن سعد بن مالك، وكنيته أبو يزيد.
قلت: فأبو زبيد ؟ قال: ليس بفحل.
قلت: فالشماخ؟ قال: فحل.. قال الأصمعي: وأخبرني من راى قبر الشماخ بأرمينية.
पृष्ठ 1