الطبيعة الإنسانية ... لا يطيلن أحد قسر نفسه على عادة من العادات، وليداخل بين ذلك قليلا؛ لأن الفترة التي يعفي فيها نفسه من القسر تعزز العادة الجديدة، ومن كان به نقص وهو قائم بعمل فهو حري أن يزاول فضائله كما يزاول نقائصه، ويراوح بين هذه وتلك، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالمداخلة في حينها الملائم، ولا يغلون أحد في الثقة بانتصاره على طبعه؛ لأن الطبع يكمن زمنا ثم ينبعث مع الفرصة أو الإغراء، على نحو ما جاء في خرافات أيسوب عن الفتاة التي كانت قطة فأصبحت إنسانة حسناء، فما لبثت وهي جالسة على المائدة في خفرها وحيائها أن بصرت بالفأر فوثبت إليه.
الغضب
الغضب ولا ريب نقص في الخليقة؛ لأنه لا يظهر على أكثره إلا في الضعفاء كالأطفال والنساء والشيوخ، وخليق بالشيوخ إن غضبوا أن يجعلوا غضبهم إلى السخر أقرب منه إلى الخوف، حتى يبدو عليهم أنهم فوق الإساءة لا دونها، ولا يصعب ذلك على الإنسان إذا راض نفسه على ضبط عنانه.
وبعد، فإن أسباب الغضب على الأكثر ثلاثة: «أولها» أن يكون الإنسان حساسا للإساءة، إذ لا يغضب الإنسان ما لم يشعر بأنه قد أسيء إليه؛ ولهذا يتعرض أصحاب المزاج الرقيق كثيرا للغضب لتعدد ما يزعجهم من الأمور التي لا يحسها أصحاب الطبائع الخشنة القوية، و«ثانيها»: أن تكون الإساءة مفرغة في قالب الازدراء؛ لأن الازدراء يشحذ الغضب ويوقد ضرامه ويبلغ من إثارة النفس ما لا تبلغه الإساءة والمضرة، فمن كانت في طباعه يقظة لعوارض السخرية والازدراء، واعتقاد سوء النية فيها فهم أشد الناس اشتعال غضب، واضطرام سورة، و«آخرها»: كل قول له مساس بسمعة المرء وأحدوثة الناس عنه، فإنه يمتهي غوارب الغضب وينضوها، وإنما العلاج أن يجعل المرء كرامته وسمعته من بنيته أقوى وأصلب على المغامز، كما تعود جونسالڨو أن يقول. (2) سطور من فصول (متفرقات)
مقتبسات متفرقة من كتب باكون المختلفة
كل معرفة أو عجب (وهو بذرة المعرفة) هي في لبابها مما يقع في النفس موقع السرور.
إذا بدأ المرء باليقين فهو منته إلى الشك، ولكنه إذا اكتفى بالشك في البداية وصل في النهاية إلى اليقين.
معرفة الإنسان كالماء: بعضه يهبط من السماء، وبعضه يتفجر من الأرض؛ وإحداهما تصل إلينا بنور الطبيعة، والأخرى توحي إلينا بتنزيل من الله.
نحن أميل كثيرا إلى ماكيافلي وأمثاله ممن يقولون ما يعمله الإنسان، لا ما ينبغي أن يعمله.
كل فلسفة أخلاقية حسنة فهي وصيفة للديانة.
अज्ञात पृष्ठ