Sylla
لقب السعيد دون لقب العظيم.
لا جرم كان من المشاهد المتواتر أن الذين يعزون الفضل الكثير إلى عقولهم، وتدبيراتهم يخذلهم الحظ في النهاية ، وقيل : إن تيموتين الأثيني لم يفلح في عمل قط بعد أن قام يؤدي الحساب عن حكومته للأثينيين، فطفق يقول: وهذا لم يكن للحظ فيه نصيب!
ولا ريب أن بعض الحظ كبعض الشعر في سهولته وسريانه، على نحو ما نرى في شعر هومير بالقياس إلى غيره من الشعراء. وإلى هذا المعنى أشار بلوتارك حين قابل بين حظوظ تيموليون واجيسلاس وايبامننداس. ومرجع هذا كله ولا مراء إلى خاصة في طبيعة الإنسان.
الحسد
ليس في الأحاسيس ما له من السحر والتأثير ما لهذين الإحساسين: الحب والحسد.
فكلاهما عنيف المطالب سريع الامتزاج بتراكيب الخيال، وتواليف الخاطر، يبتدر إلى العين وتنم عليه النظرة، ولا سيما في حضرة من هو محبوب أو محسود، وكل أولئك مما يملي له في سلطان سحره، إن كان للسحر وجود.
وفي التنزيل نرى أن الحسد يسمى بالعين الرديئة أو النظرة السيئة، ويقول المنجمون عن النحس، الذي تتسلط به الكواكب على الناس: إنه طوالع مشئومة، وهو ما يتضمن الاعتراف بسريان شيء من النظر عند وقوع الحسد في موقعه. بل هناك من بلغت به الغرابة في هذا الصدد أن يعتقد أن المحسود لا يستهدف للإصابة من الأعين في حالة من حالاته، كما يستهدف لها وهو في أوج فخاره وانتصاره؛ لأنه يشحذ نصال الحسد في هذه الحالة، ويستخرج كل ما فيه من روح باطن إلى مظاهره المكشوفة، فيتلقى بها الضربة من قريب!
ولكننا ندع هذه الغرائب - وإن لم تكن غير أهل للاعتبار في موطن بحثها - ونتناول البحث في أولئك الأناسي، الذين هم خلقاء أن يحسدوا الآخرين، وفي أولئك الأناسي الذين هم عرضه للحسد الخاص والحسد العام بين جمهرة الناس.
فمن حرم المزية خليق أن يحسدها فيمن رزقها وتحلى بها؛ لأن عقول الناس تتغذى بما يصيبها من الخيرات، أو بما يصيب غيرها من الشرور، ومن فاته أحد النصيبين ابتغى العوض منه في النصيب الآخر، ومن يئس من بلوغ المزية التي يملكها غيره، فسبيله أن يسعى إلى مساواته بسلبه إياها وتجريده منها.
अज्ञात पृष्ठ