بحلول صباح اليوم التالي ازداد الوضع سوءا؛ إذ أحاط الجليد بالسفينة من جميع الجهات. لم يكن بوسعنا غير الانتظار. وبحلول وقت ما بعد الظهر انقشع الضباب من السماء فاستطعنا أن نرى المزيد؛ كان الثلج الأبيض والجليد يمتدان حول السفينة في كل اتجاه.
أشار أحد الرجال نحو منظر غريب على بعد؛ فالتفتنا فإذ برجل ضخم يجر مزلجة ويتجه موغلا نحو الشمال. راقب الطاقم المشهد إلى أن توارى الرجل ومزلجته عن الأبصار وسط الجليد، فالتفتنا بعضنا إلى بعض وتساءلنا: «ترى من هذا؟! بل ما هذا؟!» فعلى حد علمنا لم يكن هناك بشر في هذا الجزء من العالم.
في الصباح التالي صعدت إلى سطح السفينة لأجد البحارة يتحدثون مع شخص ما إلى جانب السفينة. ملت على جانب السفينة فرأيت رجلا يطفو على قطعة من الجليد، وحوله قطع متناثرة من مزلجة مهشمة! لا بد أن الجليد انجرف نحونا في الليل. وحاول رجالي إقناعه بالصعود إلى سفينتنا لئلا يغرق.
حدثني شيء ما أنه ليس نفس الرجل الذي رأيناه البارحة؛ فذلك المسخ بدا متوحشا وعنيفا، وليس إنسانا كاملا. أما هذا الرجل فقد كان رجلا أوروبيا كما تبين من لكنته الأوروبية الواضحة.
صاح الرجل: «اسمي فيكتور فرانكنشتاين. قبل أن أصعد إلى متن السفينة، هلا أخبرتني من فضلك إلى أين أنتم ذاهبون؟»
أجبته: «أنا كابتن روبرت والتون، وهذه سفينتي، ونحن في رحلة إلى القطب الشمالي.» كان فرانكنشتاين مدثرا في طبقات عدة من الفرو، ومع ذلك لا زال يبدو عليه الشعور بالبرد القارس، فقلت له: «لا بد أن تصعد إلى السفينة؛ ستتجمد عندك.»
أومأ الرجل برأسه، وألقى بحاران له حبلا وساعداه في الصعود إلى متن السفينة. •••
كاد فرانكنشتاين يتجمد وكان في حالة مزرية! كان شاحبا وهزيلا، وكان من الواضح أنه في حاجة إلى وجبة جيدة دافئة. واستنتجت أنه مر بوقت عصيب. بل إنه غاب عن الوعي قبل أن نتمكن من أخذه إلى غرفة دافئة، فدثرناه في بطانيات دافئة وجعلناه يحتسي كوبا من الشاي ساخنا، فبدأ يتحسن بالتدريج وعندئذ احتسى بعض الحساء.
وعندما بدا عليه الشعور بالتحسن نقلته إلى غرفتي، ولسبب ما أردت أن أساعده قدر استطاعتي. تقلب كثيرا في فراشه في الليلة الأولى، وملأ الحزن الشديد عينيه كما لو كان يحمل ثقل العالم كله على منكبيه.
يا لها من مفاجأة أن تعثر على إنسان وسط بحار القطب الشمالي الباردة المتجمدة! أراد البحارة أن يسألوه الكثير من الأسئلة، لكن فرانكنشتاين كان لا يزال سقيما ولم أردهم أن يزعجوه كثيرا. وفي إحدى الليالي، بعد العشاء، عرج علينا مساعدي الأول هاردي.
अज्ञात पृष्ठ