161

Foundations and Methods of Da'wah 1 - Al-Madinah University

أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة

प्रकाशक

جامعة المدينة العالمية

शैलियों

السليم"، وهذا ما ذكَره الرسول ﷺ لِمَن سأله عن البِرّ؛ فعن وابصة بن معبد ﵁، قال: أتيتُ رسول الله ﷺ، فقال: «جئتَ تسأل عن البِرّ والإثْم؟»، قلت: نعم. فقال: «استفْتِ قلبَك. البِرُّ: ما اطمأنّتْ إليه النفْسُ واطمأنّ إليه القلب. والإثمُ: ما حاك في النّفْس وتردّد في الصدر، وإن أفتاك الناسُ وأفْتَوْك»، رواه أحمد والدارمي. وفي رواية أخرى عن النواس بن سمعان -رضي الله تعالى عنه- قال: قال ﷺ: «البِرُّ: حُسْن الخُلُق. والإثم: ما حاك في نفْسك، وكرهْتَ أن يطّلعَ عليه الناس»، رواه مسلم. فقلوب عباد الرحمن تتّحد في حُكمها على المُنكَرات، وتُجمع على بُغضها وكراهتها للفواحش، وإن لم تُعبِّر الأيدي والألْسنة على هذا؛ إذ إنّ واقع الحال والمشاهدة يُؤكِّده؛ ولذلك عُدّ إجماع الأمّة على أمرٍ ما هو اجتماع حقٍ، لقوله ﷺ: «لا تجتمع أمّتي على ضلالة». ولذا، فإنّ توحُّد القلوب على بُغض المنكرات وكُرْه فاعِلها، وإشعاره باحتقار المجتمع له وازدرائه به، لدافعٌ قويّ ومؤثِّر في تغيير المُنكَر. ويصبح هذا شعورًا عامًا ومَظهرًا اجتماعيًا ذا أثَر فعّال في التغيير بالقلب، لا يقلّ أهمّيّة عن التغيير باليد واللسان. ولهذا أضاف ﷺ الأمْر بالتغيير إلى الثلاث غير أنه ﷺ أضاف: أنّ الاكتفاء بالقلب دون الوسائل الأخرى يُنبئ أحيانًا عن ضعف الإيمان الذي يفِرّ من المواجهة، ويخشى من التّصدِّي باليد واللسان. وإن الإنكار بالقلب لا يُعفي من المساءلة إذا كان لدى الإنسان القدرة على المواجهة باليد أو اللسان. وفي نفس الوقت لم يُحْرم من ثواب الله، لبُغْضه المنكر وعجزه عن مقاومته، لأن هذا فوق طاقته وأكبر مِن قدراته. فعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-، أنّ رسول الله ﷺ قال: «ما من نبيٍّ بعَثه الله في أمةٍ قبْلي إلاّ كان مِن أمّته حواريّون وأصحابٌ يأخذون بسنّته ويقتدون بأمْره. ثم إنها تَخلُف مِن بعْدِهم خُلُوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون؛ فمَن

1 / 177