फित्ना कुबरा अली वा बनुहु
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
शैलियों
فهو إذن كان يرى الشورى في أمر الخلافة قبل أن يستقيم له أمر الناس، وقبل أصل الشورى أثناء الصلح حين هم أمر الناس أن يستقيم له، ثم نسي هذا كله بأخرة، ويقال إن المغيرة بن شعبة هو الذي ألقى في قلبه هذا الخاطر، فمال إليه وشاور فيه زيادا، فأشار عليه بالأناة وبأن يصلح من سيرة يزيد.
وكان يزيد فتى من فتيان قريش صاحب لهو وعبث، محبا للصيد مسرفا على نفسه في لذاته، مستهترا لا يتحفظ، وكان ربما أضاع الصلاة، فأخذه أبوه بالحزم، وأغزاه الروم وأمره على الحج، يمهد بهذا كله لتوليته العهد، فلما رأى من سيرة يزيد ما أرضاه حزم أمره وأعلن تولية يزيد عهده، وكتب في ذلك إلى الآفاق، فأجابه الناس إلى ما أراد، وهل كانوا يستطيعون إلا أن يجيبوه إلى ما أراد؟! ثم استوفد الوفود من الأقاليم، فوفدت عليه وأعلنت البيعة ليزيد، وامتنع أربعة نفر من قريش، هم: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر. فذهب معاوية إلى الحجاز معتمرا ولقي هؤلاء النفر، فلم يبلغ منهم شيئا بالوعد ولا بالوعيد، صارحه بعضهم والتوى عليه بعضهم الآخر، فحذرهم عواقب الخلاف عن أمره إن أظهروه.
وزعم بعض المؤرخين أنه أقام على رءوسهم شرطا حين خطب الناس، وتقدم إلى هؤلاء الشرط في أن يضربوا عنق أيهم كذبه فيما يقول، ثم خطب الناس فذكر بيعة يزيد بولاية العهد، وأن الناس أجمعوا على قبول ما اختار لهم، وأن هؤلاء النفر من أعلام قريش وسادتها قد دخلوا فيما دخل الناس فيه، فبايع الناس وانصرف هؤلاء النفر يحلفون لمن لامهم ما بايعوا ولا قبلوا.
وسواء أصحت هذه الرواية أم لم تصح، فالشيء المحقق هو أن معاوية قد استكره هؤلاء النفر على الصمت بعد أن لم يستطع أن يستكرههم على البيعة، وهو بعد ذلك لم يؤامر الأمة فيمن اختار لخلافتها على أي نحو من المؤامرة، وإنما شاور قوما من خاصته والطامعين فيه، فكلهم أغراه بذلك وحببه إليه، ولم يستطع أحد من خاصة الناس ولا من عامتهم أن ينكر على معاوية مما أراد شيئا.
وكذلك استقر في الإسلام لأول مرة هذا الملك الذي يقوم على البأس والبطش والخوف، والذي يرثه الأبناء عن الآباء، وأصبحت الأمة كأنها ملك لصاحب السلطان ينقله إلى من أحب من أبنائه، كما ينقل إليه ما يملك من سائل المال وجامده، وقد تم ذلك سنة ست وخمسين للهجرة، أي قبل أن ينتصف القرن على وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم .
ورحم الله الحسن البصري فقد كان يقول فيما روى الطبري: «أربع خصال كن في معاوية، لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة؛ واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زيادا، وقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجرا، ويل له من حجر وأصحاب حجر! ويل له من حجر وأصحاب حجر!»
وما أريد أن أشارك الحسن فأقول: إن هذه الخصال كلها أو بعضها قد أوبقته، فأمر ذلك إلى الله وحده والله عز وجل يقول:
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .
अज्ञात पृष्ठ