फिसल फ़ी मिलल
الفصل في الملل والأهواء والنحل
प्रकाशक
مكتبة الخانجي
प्रकाशक स्थान
القاهرة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَهَذَا هُوَ الْبَاطِل والتبديل الظَّاهِر لِأَن السحر لَا يحِيل عينا وَلَا يقلبها وَلَا يحِيل طبيعة إِنَّمَا هُوَ حيل قد بَينا الْكَلَام فِيهَا بعون الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه من هَذَا الْكتاب وَفِي غَيره
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَهَذَا الِاعْتِرَاض هُوَ على سَبِيل إبِْطَال الكواف لَا سَبِيل من أفر بِشَيْء مِنْهَا ثمَّ يُقَال كل من ولي الْأَمر بعده ﵇ مَعْرُوف لَيْسَ مِنْهُم أحد إِلَّا وَله أَعدَاء يخرجُون من عداوته إِلَى أبعد الغايات من الحنق والغيظ فَأَبُو بكر وَعمر ﵄ تعاديهما الرافضة وتبلغ فِي عداوتهما أقْصَى الغايات وَمَا قَالَ قطّ أحد مُؤمن وَلَا كَافِر عَدو لَهما وَلَا ولي أَن أحد مِنْهُمَا أجبر أحدا على الْإِقْرَار بآيَات مُحَمَّد ﷺ وَلَا على ستر شَيْء عورض بِهِ وَلَا قدر أَن يَقُول هَذَا أَيْضا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَكَذَلِكَ عُثْمَان أَيْضا وَعلي تعاديهما الْخَوَارِج وَتخرج فِي عداوتهما وتكفيرهما إِلَى أبعد الغايات مَا قَالَ قطّ قَائِل فِي أَحدهمَا شَيْئا من هُنَا وَحَتَّى لَو رام أحد من الْمُلُوك ذَلِك لما قدر عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يملك أَيدي النَّاس وَلَا ألسنتهم يصنعون فِي مَنَازِلهمْ مَا أَحبُّوا وينشرونه عِنْد من يثقون بِهِ حَتَّى ينتشر وَهَذَا أَمر لَا يقدر على ضَبطه وَالْمَنْع مِنْهُ أحد لَا سِيمَا مَعَ انخراق الدُّنْيَا وسعة أقطارها من أقْصَى السَّنَد إِلَى أقْصَى الأندلس فَلَو أمكنت معارضته مَا تَأَخّر عَن ذَلِك من لَهُ أدنى حَظّ من استطاعة عِنْد نَفسه على ذَلِك مِمَّن لَا بَصِيرَة لَهُ فِي الْإِسْلَام فِي شَرق الأَرْض وغربها فَإِن قَالَ قَائِل من الْيَهُود أَن مُوسَى ﵇ قَالَ لَهُم فِي التَّوْرَاة لَا تقبلُوا من نَبِي أَتَاكُم بِغَيْر هَذِه الشرايعة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق لَا سَبِيل إِلَى أَن يَقُول مُوسَى ﵇ هَذَا بِوَجْه من الْوُجُوه لِأَنَّهُ لَو قَالَ ذَلِك لَكَانَ مُبْطلًا لنبوة نَفسه وَهَذَا كَلَام يَنْبَغِي أَن يتدبر وَذَلِكَ أَنه لَو قَالَ لَهُم لَا تصدقوا من دعَاكُمْ إِلَى غير شريعتي وَإِن جَاءَ بآيَات فَإِنَّهُ يلْزمه إِذا كَانَت الْآيَات لَا توجب تَصْدِيق غَيره إِذا أَتَى بهَا فِي شَيْء دَعَا إِلَيْهِ فَهِيَ غير مُوجبَة تَصْدِيق مُوسَى ﵇ فِيمَا أَتَى بِهِ إِذْ لَا فرق بَين معجزاته ومعجزات غَيره إِذْ بِالْآيَاتِ صحت الشَّرَائِع وَلم تصح الْآيَات بالشرائع لِأَن تَصْدِيق الشَّرِيعَة مُوجبَة لِلْآيَةِ وَالْآيَة مُوجبَة تَصْدِيق الشَّرِيعَة وَمن قَالَ خلاف هَذَا مِمَّن يدين بشريعة وبنبوة فَهُوَ عَظِيم المجاهرة بِالْبَاطِلِ
1 / 88