سابعها: الإباضية اتجهوا إلى خدمة الإسلام علما وعملا منذ ابتدأت الفتنة فاشتغلوا بالتدوين فكانوا أول من دون الحديث؛ فإمامنا جابر بن زيد أول من دون الحديث وأقوال الصحابة في ديوانه الذي وصفوه بأنه وقر بعير، ثم تلاميذه من بعده وهم حملة العلم إلى المشرق والمغرب، والخوارج جنحوا إلى إراقة الدماء وإخافة السبل وتعطيل الأحكام ولم يذكر عن أحد من الخوارج ألف كتابا والذين يذكرون المؤلفات للخوارج إنما يذكرون الإباضية وهم دون شك يريدون بهم التشنيع والتشغيب أما الصفرية والأزارقة والنجدية فلم تذكر لهم رواية ولا تدوين ولو انفرد نجدة بن عامر برواية حديث ونافع بن الأزرق بأسئلة سألها ابن عباس ليس هذا محلها وأريد أنهم جنحوا إلى الحروب لا إلى التأليف ورواية العلم وكل من ذكره قومنا من رجال العلم ونسبوه للخوارج فليسوا إلا من الإباضية. ولقد أتى أصحابنا في تدوين العلوم بالعجب العجاب وعرفوا بالصدق والأمانة والورع ما لم يبلغ شأوه غيرهم فلجأ بعض الكاتبين من قومنا إلى تشويه الحقائق بالدعاية الفاجرة والبهتان حين بهرتهم تلك الأنوار الساطعة وما خلطوا بين الإباضية والخوارج إلا لطمس معالم الحق والصواب حسدا من عند أنفسهم وأنى لمن اتخذ التشغيب مطية أن يعترف بالحق والصواب وقد عميت بصيرته. وإنك لترى هؤلاء من العمل على إخفاء ما يرونه من أصحابنا من الكمال الديني والعظمة العلمية ما جعلهم يذكرون لهم في موجب الذكر شيئا. وإني رأيت مؤلفات دونت في التاريخ والأدب والفروع لبعض قومنا يستوجب المقام ذكر أصحابنا لما لهم فيما دون من الضلع فلا يتورع أن يتجاهل ذكرهم كأنهم لم يكونوا، وذلك مبالغة وإمعانا في طمس الحق ولا تجد من أصحابنا شيئا من هذا الأسلوب البشع والحمد لله العلي الكبير.
ثامنها: أن قومنا حين جمعوا الحوادث التاريخية واقتضت الحال أن يذكروا أصحابها فشلوا في قيل الصواب فخلطوا بين الإباضية والخوارج فتارة ينسبون الإباضية للخوارج وتارة ينسبون الخوارج إلى الإباضية كما يفعل الكثير من المدونين في الأصول والفروع في إضافة أقوال المعتزلة إلى الإباضية والعكس مما أوجب التخليط والتشويش فيذهب المؤلفون الذين يعتمدون على النقل إلى ما هو أشبه بالتهريج ولا عذر لهم عندي مطلقا لأن الذي ينشر الحق يطلبه من ينبوعه لا أن ينتحله حسب هواه.
पृष्ठ 16