أثرها عظيم في الدعوة؛ لأن الفعل أبلغ من القول (١) ولهذا أثَّر هذا الخلق الحسن على أنس بن مالك ﵁ حتى قال: «خدمت النبي ﷺ عشر سنين فوالله ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا». . . " الحديث.
فعلى الداعية أن يقتدي برسول الله ﷺ في خلقه، وأن يكون قدوة حسنة لغيره؛ لأن القدوة الحسنة تعطي الآخرين قناعة بما يدعو إليه الداعية (٢).
ومن أعظم ما ينبغي للداعية أن يكون قدوة لغيره في: الخلق الحسن، ومنه: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى، ولا شك أن حسن الخلق قسمان: أحدهما مع الله ﷿، وهو أن تعلم أن كل ما يكون منك يوجب عذرا، وكل ما يأتي من الله يوجب شكرا، فلا تزال شاكرا له معتذرا إليه.
والقسم الثاني: حسن الخلق مع الناس، وجماعه أمران: بذل المعروف قولا وفعلا، وكف الأذى قولا وفعلا، وهذا إنما يقوم على أركان خمسة: العلم، والجود، والصبر، وطيب العود (٣) وصحة الإسلام (٤).
فعلى الداعية أن يكون قدوة للمدعوين في هذا الخلق الحسن. والله المستعان (٥).
(١) انظر: فتح الباري لابن حجر ١٣/ ٢٧٥.
(٢) انظر: بهجة النفوس لابن أبي جمرة، ٣/ ٩٨، وعمدة القاري للعيني، ٢٤/ ٧٠، وشرح رياض الصالحين للعثيمين ٦/ ٢٦٣ - ٢٦٤.
(٣) طيب العود: أن يكون الله ﷿ خلقه على طبيعة منقادة، سهلة الاستجابة لداعي الخيرات، انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق، ١٣/ ١٣٠.
(٤) انظر: المرجع السابق، ١٣/ ١٣٠.
(٥) انظر: الحديث رقم ٣، الدرس الثالث، ورقم ٨، الدرس الخامس، ورقم ٩، الدرس الثالث عشر.