بسم الله الرحمن الرحيم
قال: زعم ارسطو طاليس ومن فسر كتبه في المقالة الثانية من السماع الطبيعي أن الطبيعة لا تحتاج دليل لظهورها واعتراف الناس بها وإقرارهم بوجودها. وزعم من شاهدنا من الفلاسفة أن الدليل على وجودها أفعالها وقواها المنبثة في العالم الموجبة للأفعال. كذهاب النار والهواء من المركز وذهاب الماء والأرض إليه، فيعلم أنه لولا قوى فيها أوجبت تلك الحركات وكانت مبدأ لها توجد فيها. وكذلك قالوا فيما يوجد في النبات والحيوان من قوة الغذاء وقوة النمو فأما قولهم انهم لم يدلوا على وجود الطبيعة لإقرار الناس بها، فالشيء لا يصح لإقرار الناس به كما لا يفسد لاختلافهم فيه. ولو كان حقا لإقرار من أقر به لكان فاسدا باطلا لامتناع من امتنع منه، فيكون الشيء فاسدا صحيحا في حال وباطلا حقا في حال وهذا محال. ويقال لهم لم زعمتم أن الطبيعة لا تحتاج إلى دليل وقد خالفكم في وجودها قوم من الفلاسفة القدماء وما وما رأيتم إن قال خصماؤكم انهم لا يحتاجون على قولهم انه لا طبيعة إلى دليل؟ وإنما لا تحتاج إلى دليل الأشياء المشاهدة وأوائل البرهان العقلية وليس الطبيعة بمحسوسة ولا العلم بها أول في العقل.
وأما استدلالهم بالقوى التي ادعوها فيقال لهم ما أنكرتم أن يكون الله جل وعز هو الموجب بذاته لقوى سائر الأفعال ولطبائع الأشياء؟ وإن لم
पृष्ठ 116