डॉक्युमेंट्री फिल्म: एक बहुत ही छोटा परिचय
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
على الطرف الآخر من ادعاءات أفلام الشئون العامة الوثائقية، التي تعتمد في موثوقيتها وتأثيرها على خبرتها الصحفية ، تقف الدعاية الحكومية؛ ذلك المصدر المهم من مصادر التمويل والتدريب للمخرجين الوثائقيين في العالم، وتكون أحيانا مصدرا لتأثير قوي على الرأي العام.
تهدف الأفلام الوثائقية الدعائية إلى إقناع المشاهدين بوجهة نظر أو قضية مؤسسة ما، وتروج هذه الأفلام لقناعات المؤسسة لا صانع الفيلم، مع أن بعض المخرجين يدعمون القضية دعما تاما، وعلى الرغم من أن مثل هذه الأعمال يمكن أن ينفذها أي شخص، بمن فيهم المعلنون والناشطون، فإن مصطلح «دعاية» يشير ضمنا إلى الحكومات في أغلب الأحيان. وقد كانت الأفلام الوثائقية تمثل قيمة للحكومات تحديدا لادعاءاتها بالمصداقية ودقة التجسيد للواقع، وقد وصلت أهمية الوثائقيات الدعائية إلى أوجها في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وأثنائها وبعدها مباشرة، حين كان الفيلم هو الوسيط السمعي المرئي السائد.
استعانت الحكومات بالأفلام الوثائقية للتأثير على الرأي العام منذ نشأة الفيلم، فمع انتقال الصراع إلى نموذج «الحرب الشاملة» خلال الحرب العالمية الأولى، استخدمت الحكومات وسائل الإعلام لتحفيز قواتها، وتعبئة المدنيين، وإقناع الآخرين بقوتها، ومن الأمثلة المعروفة لذلك الفيلم البريطاني «معركة سوم» (1916)، الذي عاد نجاحه مع الجماهير البريطانية في دور العرض إلى حد بعيد لعرضه مشاهد من المعركة الحقيقية.
بعد الحرب العالمية الأولى، نظرت الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى الفيلم الوثائقي كأداة جديدة وفعالة، فعزز الحزب النازي - الذي اعتلى السلطة في ألمانيا عام 1933 - الرقابة على إنتاج، وتوزيع، وعرض جميع الأفلام، وقد دعمت شرعيته السياسية مباشرة من خلال الدعاية. وفي اليابان، صدقت الحكومة على قانون ألزم صناع الأفلام بالعمل وفقا للخط الحكومي، وألزم دور السينما بعرض أفلام وثائقية في كل حفل سينمائي، وفي العام التالي، فرضت الحكومة عملية اندماج بين شركات الأفلام الإخبارية لتعزيز اتساق الرسالة من أجل تشجيع توافق السلوك، كذلك أممت الحكومة السوفييتية الوليدة أيضا جميع وسائل الإعلام لخدمة الأهداف الحكومية، وشهدت العشرينيات طفرة فنية هائلة، كما ظهر من مسيرة دزيجا فيرتوف، أعقبها رزوح تحت وطأة الواقعية الاشتراكية الستالينية الصارمة.
أنشئت وكالات للدعاية في بريطانيا والولايات المتحدة، ولكنهم اضطروا للتفاوض مع المنتجين والموزعين والعارضين التجاريين من أجل توصيل رسائلهم لمواطنيهم، ما عدا أفراد القوات المسلحة. أنشأت بريطانيا وزارة للإعلام اكتنفتها السياسات المتناقضة من البداية. لم يحظ مكتب معلومات الحرب الأمريكي قط بالدعم الكامل من الرئيس روزفلت، وكان كل جناح من القوات المسلحة يسيطر على إنتاجه من أفلام الدعاية، كذلك سارت الأعمال الدعائية الأمريكية في خط مضاد لهوليوود، حيث كانت الاستوديوهات تحبط كل محاولة لتنفيذ أعمال حكومية قد تنتهك حرمة المجال.
وفي بريطانيا، قدمت فرق جريرسون بعضا من أكثر الأفلام الوثائقية قيمة وإثارة للإزعاج للنقاد. ويعد فيلم «أنشودة سيلان» (1934) لبازيل رايت مثالا ممتازا، فلم يضف رومانسية على الحياة فيما قبل الاستعمار في واحدة من المناطق الأساسية المنتجة للشاي في بريطانيا فحسب، ولكنه احتفى أيضا بالعملية الصناعية الرائعة التي يصل بها الشاي إلى مطابخ البريطانيين، وهكذا أضفى سحرا على تناول الشاي، كما أشار ويليام جويين، جاعلا فعل تناول الشاي بمنزلة مشاركة في نظرة حنين لثقافة غريبة، محتفيا في الوقت نفسه بحيوية وقوة بريطانيا.
تعامل برنامج روزفلت للإصلاح الاقتصادي مع الأزمة الاقتصادية باستثمار - وتدخل - حكومي جديد صادم في حياة المواطنين، وهو تغيير تطلب إقناعا؛ لذا وظفت الهيئات المختلفة مخرجين وثائقيين، وكانت غالبا تستعين بالفنانين الراديكاليين الذين كانوا ينتجون الأفلام الوثائقية النضالية. وكانت أكبر هذه الهيئات هيئة إعادة التوطين، حيث أصبح الكاتب والمحلل بير لورنتز هو المنتج للكثير من الأفلام الوثائقية الشهيرة.
ناضل لورنتز لتقديم أعمال فنية لخدمة الأهداف الحكومية التي كان لديه إيمان عميق بها، مثلما فعل جريرسون في بريطانيا وفيرتوف في الاتحاد السوفييتي، وأظهرت مشروعاته تأثير مجادلات الفنانين الأوروبيين والسوفييت، فقد استخدمت هذه المشروعات الصوت كعنصر مستقل، لا مجرد عنصر للخلفية، وخلقت روابط من خلال القصائد المرئية والصوتية، وحاكت شكل أفلام سيمفونيات المدن، وكان كل فيلم من أفلام لورنتز يوائم ما بين التحليلات - الثورية في الغالب - لمخرج الفيلم وبين التعليمات الرسمية، وقد صرح ويليام ألكساندر بأن لورنتز قد خفف من حدة التحليل الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بتوجيه أصابع الاتهام إلى الرأسماليين الجشعين.
كان فيلم «المحراث الذي حطم السهول» (1936) - الذي اتهم بتشجيع الدعم العام لبرامج المساعدة التابعة لهيئة إعادة التوطين (هيئة الأمن الزراعي فيما بعد) - نظرة حزينة وكئيبة للوراء على الكيفية التي دمرت بها الحياة البيئية في السهول الوسطى بفعل اختيارات الناس، مما نتج عنه هجرة جماعية، وقد رفضت شركات هوليوود إطلاع لورنتز على أي مشاهد مصورة، ورفض الموزعون الكبار عرض الفيلم في دور العرض الخاصة بهم، ولكن دور العرض المستقلة صنعت منه نجاحا صغيرا. أما فيلم «النهر» (1937)، فقد ناقش بأسلوب شاعري الحاجة إلى تدخل الحكومة في إدارة المياه والحفاظ عليها بالنظر إلى القوة المدمرة للميسيسيبي، وكان لورنتز أحيانا يطلق عليه «أوبرا»، ووزعته شركة باراماونت وجنت من ورائه الكثير من الأموال، ولكن ظلت الاستوديوهات على عدائها لصناعة الأفلام الحكومية.
أصبحت الأفلام التي أخرجها لورنتز أو أشرف عليها، من الكلاسيكيات بين طلاب السينما؛ لما تحويه من تجارب فنية جريئة، واحتفظت بجاذبيتها لدى المؤرخين، لأنها تصور لحظة اضطلعت فيها الحكومات في جميع أنحاء العالم فجأة - لأغراض طيبة أو خبيثة - بمشروعات ضخمة في الهندسة الاجتماعية والفيزيائية.
अज्ञात पृष्ठ