قال: وهل أعدت هذا الكلام على بوليت؟ وهل أتيت هذه الخشونة والقسوة وأنت تزعم أنك تحب سيدتك الصغيرة؟ أجاب: سيدي أمرني فأطعت كارها.
قال: فهل بكت عندما نقلت إليها ذلك الكلام؟
أجاب: بل ضحكت ضحكا غريبا، ثم ظهر عليها الغضب وصاحت تقول: إذن قضي علي بأن لا أرى والدتي أبدا، قضي علي بأن أبتاع كل قبلة منها بسفالة ونذالة. فاذهب يا ملطار ولا تتعذب لأجلي، فلا بد من يوم يجيء فيؤذن فيه لأمي بأن تراني؛ ذلك يوم وفاتي إذ تأتي فتلثم جبين ميتة.
فلم يتمالك المسيو دراك أن قال: ويحك! ولماذا جئت تخبرني بكل ذلك؟ ألا تدري أن هذه الشئون لا تعنيني ولا علاقة لي بها؟
فأجابه ملطار بلطف: إنما جئت لأخبرك بكل ذلك حتى تأتي معي إلى بيت أمها.
فوثب الإنكليزي وثبة مجنون، وقال: كلا، ذلك لا يكون أبدا، فحسبي ما سمعت ورأيت من أسرة موري فما هو بقليل، وإني أفضل الموت على الاهتمام بهذه الأمور وأمثالها ... ولكن ما عسى أن أفعل إذا ذهبت معك؟
وهذا شأن الرجل الإنكليزي الجافي الظاهر؛ فإنه يسخط أولا ويأبى ويرفض المساعدة، ثم يتغلب عليه كرم الأخلاق فينصاع. فأجابه ملطار: تقول لوالدة الفتاة ما قلته لك، قال: وماذا يمنعك من أن تفعل ذلك أنت؟
أجاب: لا شيء سوى أنك يمكنك أن تقص على الوالدة قصة سفرك مع ابنتها، فترتاح إلى سماع حديثك؛ لأن الفتاة كلمتك عن أمها كثيرا.
قال: بلا شك، حتى أدركني الملل والضجر من ثرثرتها هذه التي لم تهمني، ولم تكتف بذلك بل أنبأتني عن كلفها بشاب تنوي الاقتران به.
فذعر الهندي من هذا الاكتشاف وصاح: أحقا أن سيدتي الصغيرة تحب شابا وتنوي الاقتران به؟ أجاب: بلا شك، ولكن ما معنى هذا الاضطراب الذي نزل بك من مجرد سماعك بأنها تحب فتى وتريد أن تتزوج به؟
अज्ञात पृष्ठ