ثالثا: أذكر الشيخ وفقه الله لكل خير بأن العاطفة قد تدفع الشخص لقول هو عند التحقيق كذب على الله ورسوله، فالقول بأن الله قد أثنى على (كل الصحابة) مع علمه بالغيب وأنه قد اختارهم كلهم قول لا يجوز إطلاقه إذا أريد به شمول هذا الاختيار لمن ارتد منهم أو نافق أو أساء الصحبة؛ لأن هذا يستلزم الطعن في علم الله وفي اختيار الله عز وجل من أجل الدفاع عن أفراد من الطلقاء.
وكأن هؤلاء الأخوة بدون قصد يقولون أن الله اختار مائة وعشرين ألفا ثم ارتد ثلثهم ونافق ربعهم وظلم آخرون، فلم يبق إلا المهاجرون والأنصار وقليل ممن اتبعهم بإحسان وسار على نهجهم وهذا من أبلغ الطعن في اختيار الله عز وجل.
فهذه الفكرة من (الجبر الأموي) الذي غرسه في فكر الأمة المسلمة، وكان الناس إذا اعترضوا على ظلم بني أمية أتاهم علماء السوء في زمنهم وولاتهم ومغفلو الصالحين ليقولوا للناس: كيف تطعنون في سلطان الله في الأرض؟ الذي اختاره الله لكم؟
وكيف تقولون بظلم معاوية وقد اختاره الله لصحبة نبيه؟ فأصبحت الصحبة عند هؤلاء غطاء عاصما من نقد الظالم ولم يجعلوها عاصمة من نقد الخارجين مع أنهم يتأولون وفيهم رضوانيون المنافقين والمرتدين مع أن المسألة واحدة بل لم يجعلوها مانعا من ذم الخارجين على عثمان وفيهم صحابة كبار وجعلوها مانعة من ذم الطلقاء الذين ليس فيهم صحابي بالمعنى الشرعي.
पृष्ठ 55