اليوم، اقتحم أعضاء اللجنة محاضرة لأحد الأساتذة، مدججين بالقرار الإداري، فلم يستطع الأستاذ الاعتراض. تقدموا بنظرات فاحصة للوجوه، مروا على المقاعد، وطالبوا ببطاقات الهوية من بعض الطلبة، تحرشوا بحقائب الفتيات وسط نظرات بعضها مستنكرة وأخرى تتربص للتعرف على أسرار الحقائب اللامعة.
في آخر القاعة كانت تجلس، متململة في مقعدها، تطل من جبينها قطرات الخوف، محتضنة شنطة يدها في فزع.
التقت عيناها بعيني عضو اللجنة، مرة، مرتين، وفي الثالثة انتبه العضو لقلقها، فمال على رأس كبيرهم، وأنصت الأخير إليه لحظات، تبعها تربص للعيون بها، ثم اتجهت الخطوات إليها بتؤدة وهدوء مفتعلين، فأشاعت برودة زادت من قشعريرة جسدها.
في طريقه تفحصها كبير اللجنة، بمظهرها المتوسط الحال، ودفاترها الباهتة الألوان التي تشبهها. فكر أنها من النوع الذي يسهل «اصطياده» من قبل الجماعات المتطرفة، أو ربما تكون شنطتها عامرة بما اصطادته هي من الشنط الثمينة.
سألها أن تعطيه حقيبتها، فرفضت، فسألها ماذا تخبئ بها، فصمتت، والتزمت صمتها، وسط همهمات زملائها. اقتادوها وهي متشبثة بحقيبتها، وبنظرات الحسرة على وجهها الذي حاولت أن تديره عن نظرات الاستفهام من حولها.
في مكتب عميد الكلية، حاولوا أخذ الحقيبة، فرفضت بوجه دامع، مستعطفة أن يبقوها لها، فطلبوا منها أن تبلغهم بما فيها، على أن يرفقوا بها إن أبلغتهم بمن حرضها على فعلها، وهل قامت بالفعل بما طلب منها، أم أنها في مرحلة «التخطيط».
بعدما دارت بعقلها الأسئلة والاستجوابات، وافقت على منحهم سرها الأكبر، في شنطتها وجدوا بقايا سندوتشات الطلبة التي تجمعها من الطاولات بالاتفاق مع عامل الكافتيريا، أو من مقاعد الدراسة بعد انتهاء وقت المحاضرات.
تسمرت أعين أعضاء اللجنة على الحرز، فيما تعالت أصوات الاحتجاجات من زملائها خارج المكتب، تدين اعتقالها وتضييق الحريات على الطلبة، وتطالب بالسماح بالعمل السياسي والحزبي داخل الجامعة.
अज्ञात पृष्ठ