فكرة وجود خالق
بين النزعة الدينية وفكرة وجود الله رابطة عقلية قوية، فإنه لا يمكن أن تعثر على دين من غير أن تقع فيه على فكرة وجود خالق، ولقد دارت المعركة قديما بين العلم واللاهوت، وما نقصد به سوى المذاهب الدينية التي أصبحت في نظر أربابها مقدسة، كمتون الدين الأصلية. أما اليوم، فسوف تدور المعركة، كما يقول الأستاذ جوليان هكسلي، حول فكرة وجود خالق أو بالأحرى حول فكرة وجود الله. على أنني لا أدري كيف تدور المعركة حول فكرة وجود الله، وهو ليس في الأذهان أكثر من فرض ضروري تقتضيه الكفايات العقلية في الإنسان، فرض من تلك الفروض التي لا يستطيع العقل أن يحتفظ بألفته وتماسك نواحيه من غير أن يعتقد بصحته اعتقادا إلزاميا، لا اعتقادا إقناعيا. إذن يخلق بمن يقول بأن المعركة القادمة ستدور بين العلم وبين فكرة وجود الله، أن يقول بأن المعركة ستقوم بين صفتين عقليتين؛ إحداهما تكرهنا على أن نفرض وجود الله فرض ضرورة، والأخرى تحاول التخلص من ذلك الفرض.
التنزيل والوحي والعقل
إذا استطاع الذين يؤيدون الأديان أن يثبتوا صحة التنزيل، انتهت المعركة القائمة بين الدين والعلم بانتصار الدين، على أننا لا نقصد ب «الإثبات» الإثبات النقلي، بل الإثبات العقلي الذي يقره العلم؛ لأنك لا تستطيع أن تقنع العلم إلا ببرهان مستمد من أسلوبه، وقائم على طريقته، أما صحة التنزيل فقائمة على قبول فكرة الوحي، وعندي أن الوحي والتنزيل لم يقم عليهما إلى الآن دليل يصح أن يطمئن إليه العقل.
فساد الأمم وفساد الزعماء
في التاريخ أمثال كثيرة تدلنا على أن أمما برمتها قد فسدت وفنت بموت زعمائها، كما أنك تقع على أمثال كان فساد الأمم فيها عاملا من أكبر العوامل على فساد الزعماء وموتهم أدبيا، ولا جرم أن المثل الثاني أكثر انطباقا على أمم الشرق في حالتها الحاضرة من المثل الأول.
طرفا الفن
أعتقد أن للفن طرفين، أحدهما بالغ منتهى الجمال، والآخر بالغ منتهى القبح، فالفنان الذي يخرج لك من ريشته أو أزميله صورة أو تمثالا، يبهجك جماله، أو المغني الذي يلقي على سمعك مقطوعة تطير بك إلى عالم الأثير، لا يفضل عندي فنانا يخرج لك صورة تمثل منتهى البشاعة والقبح. أليست قدرة الأول على تصوير الجمال، تناظرها قدرة الثاني على تصوير القبح؟ وإذا كانت الملاحة محبوبة عند الناس والقبح مبغوضا، فذلك راجع إلى الميول البشرية، لا إلى الفن من حيث هو قدرة على تصوير مختلف صور الحياة.
ميل الجماهير للمستبدين
يظهر أن في الجماهير ميلا شديدا وحنوا على الذين يحتقرونها بأعمالهم دون أقوالهم، ويظهر أيضا أن الجماهير من عباد القوة دون غيرها. ظاهرة يمكن الاستدلال عليها في كثير من ظروف الحالات التي تقع تحت أعيننا في كل يوم، بل وفي كل آونة.
अज्ञात पृष्ठ