फैयद खातिर

अहमद अमीन d. 1373 AH
163

फैयद खातिर

فيض الخاطر (الجزء الأول)

शैलियों

ثم إن الديمقراطية التي سادت الناس في العصور الأخيرة ونادت بالمساواة وألحت في الطلب أوجدت في الشعوب حالة نفسية كان لها أثرها في موضوعنا؛ إذ أصبح الناس لا يؤمنون بتفوق كبير، لا في المال فهم يريدون الاشتراكية، ولا في السياسة فقد يتبوأ الحكم حزب العمال فيدير الأمور كما يديرها الأرستقراطيون في السياسة بل أحسن منهم.

فدعتهم هذه الحالة النفسية إلى أن يكفروا بالتفوق، أو بعبارة أخرى يكفروا بالنبوغ؛ وبعيد أن يعترف بالنبوغ في جو يكفر به. لقد كان الناس قبل أكثر إيمانا بالفروق في المال والكفاية والعلم، فكان هذا الإيمان وسيلة صالحة لظهور النبوغ، فلما جحدوا كل شيء كان النبوغ مما جحدوا.

وأخيرا كان من أثر هذه الديمقراطية تعميم التعليم، والبحث في خير الوسائل لنشر العلم؛ فقامت النظريات المختلفة في التربية والتعليم، وأصبح العلم شعبيا بعد أن كان أرستقراطيا، واستخدمت الوسائل المختلفة لتبسيط العلم وتحبيبه إلى النفوس، وغيرت نظم المدارس، فأنشئت رياض الأطفال مكان الكتاتيب، والمدارس الناعمة بدل المدارس الخشنة، واخترعت البيداجولوجيا وسائل لتسهيل الدرس وإيصاله إلى الذهن من أقرب طريق.

كان من نتيجة ذلك كثرة المتعلمين وقلة النابغين، واتساع البحر وقلة عمقه؛ وذلك لأن من كان يتفوق في الماضي كان يصادف عقبات لا حد لعددها ولا حد لصعوبتها، فكان من الطبيعي ألا يجتازها إلا الأقلون، ولكن من يجتازها تكون لديه الحصانة الطبيعية، ويكون قد تعود اجتياز العقبات واحتمل مشقة السير، فكان ذلك سبب النبوغ من ناحيتين: من ناحية قلة من يجتاز العقبات ومن ناحية من يجتازها.

أما وقد أصبح التعليم معبدا ميسرا فقد زاد عدد المتعلمين وقل النابغون، وأصبح الفرق بين العهدين كبذرة تربى في حديقة بستان وبذرة تنبت في الجبال حيث الريح العاصفة والشمس المحرقة والمطر الذي لا نظام له. فأين نبت البستان من نبت الجبال؟ وأين الحيوان المستأنس من الحيوان المستوحش؟

السكون في الظلام

ما ألذه، وما أهنأه، وما أحلاه!

يذهب بالأوصاب، ويرد العافية إلى الأعصاب.

فترة سكون في ظلام يجب أن يقضيها كل إنسان في كل يوم.

وإذا كان كل الناس يحتاجونها فرجال الفكر إليها أحوج، هي راحة من عناء مجهودهم، واسترداد لما فقدوا من رءوسهم، واسترجاع لما قطروا من عصارة عقولهم.

अज्ञात पृष्ठ