بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر واختم بخير
أحمد الله على نعمه التي جلَّت مواقع ديمها، وعمَّت فوائد كرمها، وأشكره على مننه التي جادت رياض التحقيق من سحب الأفكار بمنسجمها، فأظهرت أزاهر المعاني التي انثرت (١) فأشرق الكون بتبسُّمها، الذي حكم بالموت على عباده إظهارًا لبدائع قدرته وحكمها، وأسعد وأشقى فيا فوز فرقة نقل الرواة ما سلف من محاسن شيمها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة، يقترن بالخلود ذكرها، ويتجدد في كل يوم فخرها، وينسدل على هفوات الإنسان سترُها. وأشهد أن سيدنا محمدًا (٢) عبده ورسوله الذي قلد بدرر محاسنه الأعناق " وبعثه على حين فترة من الرسل متممًا لمكارم الأخلاق " (٣) وجعل شمس شريعته الغراء دائمة الإشراق. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جملوا بذكر محاسنهم السير، وذهبوا وصف مفاخرهم الآصال والبُكر، ما دوّنت الأقلام ذكر الأفاضل، وجلَت الكتب على أسماع الأواخر ذكر الأوائل، وسلم.
وبعد، فإنّ علم التاريخ هو مرآة الزمان لمن تدبر، ومشكاة أنوار يطلع بها على تجارب الأمم مَن أمعن النظر وتفكر، وكنت ممن أكثر لكتبه المطالعة، واستحلى من فوائده المطالعة والمراجعة، فلما وقفت على كتاب " وفيات الأعيان "
_________
(١) كذا في ص، ولعلها " افترت " كما هي في المطبوعة.
(٢) ص: محمد.
(٣) سقطت من ص.
1 / 1