ولما كانت الحقائق العقلية، بل كل حقيقة إمكانية فإنها محدودة، أما
~~الأجسام فظاهرة، وأما غيرها من الفواعل العوالي فأحد طرفيها بفاعلها والآخر
~~بمعلولها، فجميع الأشكال العقلية على الاستدارة الحقيقية، وأما الله سبحانه
~~فلا حد له أصلا حتى يكون شيء ينتهي إلى حده أو ينتهي هو إلى حد شيء، بل تنتهي
~~عنده الأشياء وحدودها؟ وذلك لأنه مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا
~~بمزايلة (1) وليس معه شيء أزلا وأبدا، خلافا لمن يزعم خلاف ذلك، فهو عز
~~برهانه كالمركز، وقد صرح أرسطو بأن المركز في الأشكال العقلية بخلاف المركز
~~في الأشكال الحسية، لأنه في الجسمانيات تحيط به الدائرة، وفي الأشكال
~~العقلية هو محيط بها (2) وفهم ذلك عسير جدا، فالمركز هو الأصل، وبهذا كان
~~في عالم الأجسام خلق الأرض متقدما على السماوات، وفي هذا الحديث الشريف
~~أسرار كثيرة وعلوم عديدة: من بيان حقيقة النفوس الأربع، ومادية بعضها،
~~وتجرد بعض آخر، واتصال المجرد منها بالعقل، ومن حقيقة العقل، واشتماله على
~~جميع الأشياء، وأنه نهاية النهايات، وغير ذلك مما لا يحصى ولا تنالها أيدي
~~أفاضل الحكماء، فطوبى لمن غاص في بحارها، وخاض في أنوارها، والحمد لله على
~~منه وفضله.
تشييد:
وعنه صلوات الله عليه على ما نقل عنه شيخنا العارف بهاء الملة والدين
~~محمد العاملي قدس سره في مجموعته المسمى بالكشكول، عن كميل بن زياد قال:
~~سألت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين، أريد
पृष्ठ 120