إيقاظ:
وأما سر التعبير عن العقل بالواحد وعن النفس بالمتوحد، فهو أن العقل واحد
~~وحدة حقيقة جمعية ذاتية، لأنه صدر عن الواحد الحق المحض بالوحدة الغير
~~العددية التي هي مبدأ الوحدة العددية بأقسامها، ومن البين في المقامات
~~البرهانية أن لا خصوصية لشيء دون شيء في الصدور عن الحق تعالى شأنه، وإلا لزم
~~أن يكون فيه سبحانه جهة وجهة وحيث وحيث، وقد ثبت أيضا بالقواطع البرهانية
~~أن ليس فيه جهة وجهة ولا حيث وحيث من جميع الجهات من دون تكثر جهة ولا تعدد
~~اعتبار، وأنه لا يختلف نسبته عز شأنه بالقرب والبعد عن الأشياء، وأن ذلك من
~~المقرر عند العقلاء (1) والمتظافر في أخبار الأنبياء والأولياء، حيث هي
~~ناصة بأن نسبته تعالى في القرب والبعد سواء لم يقرب منه قريب ولم يبعد منه
~~بعيد إلى غير ذلك (2) كما لا يخفى على المتتبع للآثار والأخبار.
ثم إنه مما قد فرغ عنه في الحكمة المتعالية أن الواحد لا يصدر عنه من جهة
~~واحدة إلا الواحد (3) بل ذلك عند النظر العرفاني بديهي عاضده الكلم
~~الفرقاني، قال تعالى: * (وما أمرنا إلا واحدة) * (4) وفي الأخبار ما يكاد
~~يتواتر بالمعنى أن الله جل مجده خلق أولا أمرا واحدا، أي شيء كان على اختلاف
~~التعبيرات، ثم خلق منه الأشياء (5) وذلك كالصريح فيما ادعيناه.
ثم من المستبين أيضا أنه ليس شيء حريا بالصدور عنه تعالى إلا العقل،
पृष्ठ 101