وقال سعد بن عبد الحميد بن جعفر ، عن فليح ، قال الزهري : قلص دمعي حتى ما أحسن منه قطرة ، وقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ، فقالت : ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا: إني والله ما علمت ما قد سمعتم هذا حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن ، قلت لكم : إني بريئة ، لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني ، فوالله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال : {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ، قالت : ثم تحولت على فراشي والله يعلم حينئذ أني بريئة ، وإن الله يبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحيا يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في أمرا يتلى ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام رؤيا يبرئني الله بها ، قالت : فما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه العرق مثل الجمان ، وهو في يوم شات ، من ثقل القول الذي أنزل عليه ، قالت : فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، وكان أول كلمة تكلم بها أن قال : يا عائشة ، أما إن الله فقد برأك ، قالت : فقالت أمي : قومي إليه ، فقلت : والله لا أقوم إليه ، فلا أحمد إلا الله عز وجل ، فأنزل الله عز وجل : ( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم) العشر الآيات ، فلما أنزل الله هذه في براءتي ، قال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ، فأنزل الله : {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ، وليعفوا وليصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ، قالت عائشة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري ، فقال : يا زينب ما علمت أو رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيرا ، وقالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حمنة تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك " .
पृष्ठ 29