41

The Fatwa of Sheikh al-Islam on the Ruling of Those Who Change the Laws of Islam

فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام

مع أن الحسن نزل عن الأمر وسلم الأمر إلى معاوية. فلو كان القتال هو المأمور به دون ترك الخلافة ومصالحة معاوية لم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم على ترك ما أمر به وفعل ما لم يؤمر به، ولا مدحه على ترك الأولى وفعل الأدنى، فعلم أن الذي فعله الحسن هو الذي كان يحبه الله ورسوله لا القتال.

وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضعه وأسامة على فخذيه ويقول: ((اللهم إني أحبهما وأحب من يحبهما)). وقد ظهر أثر محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما بكراهتهما القتال في الفتنة، فإن أسامة امتنع عن القتال مع واحدة من الطائفتين، وكذلك الحسن كان دائماً يشير على عليّ بأنه لا يقاتل، ولما صار الأمر إليه فعل ما كان يشير به على أبيه رضي الله عنهم أجمعين.

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: ((تمرُق مارقة على حين فرقة من المسلمين، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق)). فهذه المارقة هم الخوارج وقاتلهم علي بن أبي طالب، وهذا يصدقه بقية الأحاديث التي فيها الأمر بقتال الخوارج وتبين أن قتلهم مما يحبه الله ورسوله، وأن الذين قاتلوهم مع علي أولى بالحق من معاوية وأصحابه. ومع كونهم أولى بالحق فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقتال لواحدة من الطائفتين كما أمر بقتال الخوارج، بل مدح الإصلاح بينهما.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من كراهة القتال في الفتن والتحذير منها من الأحاديث الصحيحة ما ليس هذا موضعه، كقوله ((ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي)). وقال ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعَب الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)).

فالفتن مثل الحروب التي تكون بين ملوك المسلمين وطوائف المسلمين مع أن كل واحدة من الطائفتين ملتزمة لشرائع الإسلام. مثل ما كان أهل الجمل وصفين،

41