फातिमा ज़हरा वा फातिमिय्युन
فاطمة الزهراء والفاطميون
शैलियों
وحدث مثل هذا في معارض كثيرة، فوشي بأناس أنهم يوالون أبناء فاطمة فلم يجسر الخلفاء على المساس بهم، واضطروا إلى التعلل لهم بغير تلك العلة.
ثم هجمت الدعوة الفاطمية على الدولة العباسية بما لا طاقة لها بدفعه مع الاعتراف بنسب أصحاب الدعوة، فانتقلوا من المناقشة بالحجة في حق العم وابن العم، والموازنة بين حق العباس عم النبي وحق علي ابن عمه، إلى إنكار النسب بتة، وساعدهم على ذلك تفرقة الأئمة الفاطميين في الأرجاء، واستتارهم بالدعوة، ووقوع اللبس في الكنى والألقاب، فطعنوا في انتساب الفاطميين إلى السيدة فاطمة، وأذاعوا عنهم ذلك المنشور الذي سيأتي ذكره في القسم الثاني من الكتاب، واشترك في هذه المنابذات
4
أناس من علماء النسابين شملتهم غواية السياسة كما شملت غيرهم، وكان من عبرتهم أن هوى السياسة لا يؤمن على عقل الحكيم ولا على علم العليم.
مثال هذا أن صاحب كتاب جمهرة الأنساب، وهو الفيلسوف الحكيم ابن حزم، لم يسلم من فتنة هذه الغواية، فقال وهو يتكلم عن ذرية إسماعيل بن جعفر الذي ينتسب إليه الفاطميون ويسمون من أجل ذلك بالإسماعيلية: «وادعى عبيد الله القائم بالمغرب أنه أخو الحسن البغيض هذا، وشهد له بذلك رجل من بني البغيض، وشهد له بذلك جعفر بن محمد بن الحسين بن أبي الحر علي بن محمد الشاعر ابن علي بن إسماعيل بن جعفر، ومرة ادعى أنه ولد الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر، وكل هذه دعوى مفتضحة؛ لأن محمد بن إسماعيل بن جعفر لم يكن له قط ولد اسمه الحسين، وهذا كذب فاحش؛ ولأن هذا النسب لا يخفى على من له أقل علم بالنسب ولا يجهل أهله إلا جاهل.» •••
ونحن نخص ابن حزم بالذكر في هذا المعرض؛ لأنه مثل للنقيضين المتقابلين فيما يوجب الثقة وما يوجب الشك غاية الشك في مؤلف واحد ونسابة واحد.
فعلم ابن حزم بالأسانيد والأنساب معروف، ولكنه في هذا المعرض خاصة عرضة للهوى كأشد ما يكون الهوى، حتى ليكون تكذيبه لرواية داعية من دواعي احتمالها وقبولها.
كان ابن حزم أمويا غاليا في التشيع للأموية، وكانت دولتهم في الأندلس على خطر من الدعوة الإسماعيلية، وبلغ من كراهته للإسماعيليين أنه تحول من المذهب الشافعي إلى المذهب الظاهري؛ أي المذهب الذي يأخذ بظاهر النص ويرفض التأويل؛ لأن مذهب الإسماعيليين يقول بالتأويل وبأنه من حق الإمام.
بل قد بلغ من كراهته القوم أنه لا يطيق أن يذكر الرجل منهم بلقبه المتعارف عليه، فيلقبه بالبغيض بدلا من الحبيب، ولعله لم يضع كتابه في جمهرة أنساب العرب إلا ليثبت حق بني أمية في الخلافة؛ لأنهم من قريش، فصعد بحق الخلافة إلى جد الأمويين والهاشميين، وقال في مقدمة كتابه: «ومن الغرض في علم النسب أن يعلم المرء أن الخلافة لا تجوز إلا في ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ولو وسع جهل هذا لأمكن ادعاء الخلافة لمن لا تحل له، وهذا لا يجوز أصلا.» وقد ترقى ابن حزم من الحديث عن الفاطميين إلى المناقشة في معنى الحديث القائل أن فاطمة سيدة النساء، وأنه لا يعني أنها أفضل نساء العالمين! •••
ونحن ننزه ابن حزم عن تعمد الافتراء، ولكننا نقول: إن هواه قد جنح به إلى قبول ما ليس بحجة في إثبات نسب أو دفع نسب، ولولا ذلك لوقف على الأقل موقف التردد بين النفي والإثبات.
अज्ञात पृष्ठ