फ़तह अल-क़ादिर
فتح القدير
प्रकाशक
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٤ هـ
प्रकाशक स्थान
بيروت
لِلنَّاسِ فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنَّ غُمَّ عليكم فعدّوا ثلاثين يوما» . فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَتَوُا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا فَنَزَلَتْ: وَلَيْسَ الْبِرُّ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تُدْعَى الْحُمْسَ، وَكَانُوا يَدْخُلُونَ مِنَ الْأَبْوَابِ فِي الْإِحْرَامِ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ وَسَائِرُ الْعَرَبِ لَا يَدْخُلُونَ مِنْ بَابٍ فِي الْإِحْرَامِ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بُسْتَانٍ إِذْ خَرَجَ مِنْ بَابِهِ وَخَرَجَ مَعَهُ قُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ قُطْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رَجُلٌ فَاجِرٌ، وَإِنَّهُ خَرَجَ مَعَكَ مِنَ الْبَابِ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ فَعَلْتَهُ فَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتَ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أَحْمَسِيٌّ، قَالَ: فَإِنَّ دِينِي دِينُكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جماعة من الصحابة والتابعين.
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٩٠ الى ١٩٣]
وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)
لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقِتَالَ كَانَ مَمْنُوعًا قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ «١» وَقَوْلِهِ: وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا «٢» وَقَوْلِهِ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ «٣» وَقَوْلِهِ: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «٤» وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا نَزَلَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْقِتَالِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا «٥» فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ كَانَ ﷺ يُقَاتِلُ مَنْ قَاتَلَهُ، وَيَكُفُّ عَمَّنْ كَفَّ عَنْهُ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ «٦» وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً «٧» . وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ مَنْ عَدَا النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرُّهْبَانِ وَنَحْوِهُمْ، وَجَعَلُوا هَذِهِ الْآيَةَ مُحْكَمَةً غَيْرَ مَنْسُوخَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِدَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: هُوَ مُقَاتَلَةُ مَنْ يُقَاتِلُ مِنَ الطَّوَائِفِ الْكُفْرِيَّةِ. وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: مُجَاوَزَةُ قَتْلِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ إِلَى قَتْلِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. قَوْلُهُ: حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ يُقَالُ: ثَقِفَ يَثْقَفُ ثَقَفًا، وَرَجُلٌ ثَقِيفٌ: إِذَا كَانَ مُحْكِمًا لِمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنَ الْأُمُورِ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَالثَّقَفُ وُجُودٌ عَلَى وَجْهِ الْأَخْذِ وَالْغَلَبَةِ، وَمِنْهُ رَجُلٌ ثَقَفٌ: سَرِيعُ الْأَخْذِ لِأَقْرَانِهِ. انْتَهَى. وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ:
فَإِمَّا يَثْقَفَنَّ بَنِي لُؤَيٍّ ... جَذِيمَةُ إِنَّ قَتْلَهُمْ دَوَاءُ
قَوْلُهُ: وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ أَيْ: مَكَّةَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الْخِطَابُ لِلْمُهَاجِرِينَ، وَالضَّمِيرُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ. انْتَهَى. وَقَدِ امْتَثَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْرَ رَبِّهِ، فَأَخْرَجَ مِنْ مَكَّةَ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ عِنْدَ أَنْ فَتَحَهَا اللَّهُ عليه. قوله: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ أَيِ: الْفِتْنَةُ الَّتِي أرادوا أن يفتنوكم، وهي رجوعكم
(١) . المائدة: ١٣. (٢) . المزمل: ١٠. (٣) . الغاشية: ٢٢. (٤) . المؤمنون: ٩٦. (٥) . الحج: ٣٩. (٦) . التوبة: ٩. [.....] (٧) . التوبة: ٣٦.
1 / 219