من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة" (١).
وفي قوله فيه: "فيما يبدو للناس" إشارةٌ إلى أن باطن الأمر قد يكون بخلاف ظاهره، وأن خاتمة السوء تكون -والعياذ باللَّه تعالى- بسبب دسيسةٍ باطنيةٍ للعبد، ولا يطلع عليها الناس، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلةُ خيرٍ خفيةٌ تغلب عليه آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة.
وحكى عبد العزيز بن [أبي] رَوَّاد قال: حضرت عند محتضرٍ لُقِّن الشهادتين، فقال: هو كافرٌ بهما، فسأل عنه، فإذا هو مدمن خمر، وكان عبد العزيز يقول: (اتقوا الذنوب؛ فإنها هي التي أوقعته) (٢).
وأخرج الإمام أحمد والترمذي: أنه ﷺ كان يكثر في دعائه: "يا مقلب القلوب؛ ثبِّتْ قلبي على دينك" فقيل له: يا رسول اللَّه؛ آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: "نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع اللَّه ﷿، يُقلِّبها كيف يشاء" (٣).
وأخرج مسلم: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ﷿ كقلبٍ واحدٍ، يصرفه حيث يشاء" ثم قال ﷺ: "اللهم مصرف القلوب؛ صرِّف قلوبنا على طاعتك" (٤).
* * *
(١) صحيح البخاري (٢٨٩٨) عن سيدنا سهل بن سعد ﵁.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في "المحتضرين" (٢٨٦)، وما بين معقوفين زيادة منه.
(٣) مسند الإمام أحمد (٣/ ١١٢)، وسنن الترمذي (٢١٤٠) عن سيدنا أنس ﵁.
(٤) صحيح مسلم (٢٦٥٤) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو ﵄.