अरबों का मिस्र पर विजय
فتح العرب لمصر
शैलियों
23
وشى إليه عدو من أعداء القبط بالرهبان الذين كانوا يعيشون في مغاور الجبال، قائلا إن عندهم مالا كثيرا، وإنهم أهل فساد وظلم، ثم قال له إن كثيرين منهم كانوا مجتمعين عند ذلك في الحصن.
24
فأثرت فيه هذه الوشاية، فحاصر المكان في الليل بجنوده. ولما أصبح الصباح اقتحموه، وأوقعوا بمن فيه من المسيحيين فقتلوهم، ولم ينج منهم أحد.
ولا شك أن الرهبان الذين قتلوا في ذلك المكان أيضا كانوا من القبط، وقد حدث في الصعيد مثل ما حدث في «نقيوس». ولدينا في هذا الموضع رواية رواها من هو أصدق من «ساويرس»، وأقرب منه عهدا بتلك الحوادث، وتكاد كتابته تكون في نفس ذلك العهد الذي يقص علينا نبأه؛ فقد كان بمدينة قفط بالصعيد في وقت غزو الفرس مصر مطران لتلك الأبرشية اسمه «بيزنتيوس»، ومن حسن الحظ قد بقيت ترجمة حياته، وترجمها عن القبطية «المسيو أميلنو».
25
وهذه القصة فيها عدة أمور تسترعي النظر؛ ولهذا لا حاجة بنا إلى الاعتذار عن إيرادها هنا مع شيء من التفصيل.
معلوم أنه كان من المعتاد في كل عام أن ينشر بطريق الإسكندرية كتابا على الناس يبين فيه يوم عيد الفصح. وإن في المتحف البريطاني قطعة من أحد هذه الكتب، وهو حسن الخط مكتوب بحروف مستديرة، ومؤرخ حوالي سنة 577، ويكثر وجود أمثال هذا الكتاب أو قطع منها. ونجد في ترجمة «بيزنتيوس» أنه في عهد غزو الفرس أو قريبا من ذلك جاء كتاب البطريق المعتاد، فكتب «بيزنتيوس» موعظة بعث بها إلى أبرشيته كلها، وقال فيها: «لقد خذلنا الله لما نقترفه من الذنوب، وسلط علينا من الأمم من لا يرحمنا.»
26
وكان قد بلغه نبأ عبدة النار ونزولهم بالديار، وأزعجه ما سمع من قسوتهم، ولم يكن يريد البقاء حيث هو ليكون شهيدا فآثر الهرب. فلما أعد عدته لذلك، وتصدق على الفقراء بما يملك؛ ذهب إلى جبل «جيمي» بقرب المدينة، وكان معه تلميذه المخلص حنا. كان هذا قبل أن يطلع العدو على الصعيد، فلم يكن هروبه في لحظة فزع تملكه على غرة، بل كان تدبير رجل عالم بأنه إن بقي مكانه لم يكن نصيبه سوى الموت، ولم تخامره فكرة الخضوع للفرس والاحتماء بهم، ولم يخطر بباله أن يخطب ودهم؛ فعمله هذا لا يتفق في شيء مع قول من قال إن القبط رحبوا بالفرس.
अज्ञात पृष्ठ