अरबों का मिस्र पर विजय
فتح العرب لمصر
शैलियों
المقريزي (1365-1441) نجد فيه مؤلفا مصريا إذ ولد بالقاهرة، وكتابه «الخطط والآثار» أثر نفيس من آثار العمل المتصل في جمع الأخبار، وقد كان كاتبا مكثرا عظيم الإكثار، وكان مطلعا على عدد عظيم من المؤلفات، غير أن معظمها قد ضاع ودرست معالمه، فهو من جهة مقدار ما كتب أعظم مراجعنا وأكبرهم شأنا، على أنه قد رجع فيما رجع إليه إلى بعض مؤلفين ليسوا ذوي ثقة عظمى، ومنهم من لا يتضح معنى قوله ومنهم، من يشك في روايته، وعلى ذلك فإنه مع شدة غيرته في كتابته وعنائه في عمله لا نستطيع أن نصفه بالدقة والتحري، ولا بأنه استطاع أن يحسن بناء ما وجد دونه من الأخبار.
ابن حجر العسقلاني (1372-1448) نحن مدينون له بكتابه في التراجم الذي أفادنا في ترجمة حياة «عمرو، وسواه من القواد في مدة الفتح»، وكان مولده في عسقلان كما يدل عليه اسمه، ثم سافر كثيرا في بلاد الشام وبلاد العرب ومصر، وحج إلى بيت الله إذ كان عمره عشر سنين، واشتغل بالتجارة ثم بالشعر ثم بالأدب، ومات وقد طعن في السن في مدينة القاهرة.
أبو المحاسن (1409-1469) كان أبوه مملوكا للسلطان برقوق، وولاه على حلب ثم على دمشق، ولكن المؤرخ نفسه ولد في القاهرة وتعلم بها، وكان المقريزي أحد من تلقى عنهم العلم، وقد جمع كتابه في تاريخ مصر على طريقة هي أشبه شيء بطريقة المقريزي؛ أي إنه كان يروي مختلف الروايات عن الحادث الواحد بغير أن يعلق عليها أو ينقدها أو يرجح بعضها على بعض، وإن فعل كان ذلك نقدا يسيرا.
السيوطي (1445-1505) هو آخر من نذكر هنا من المؤرخين، وكتابه «حسن المحاضرة» مبني في كثير من نواحيه على كتاب المقريزي؛ فهو ينقل عنه قطعا بأكملها نقلا لفظيا، وكان السيوطي من أهل القاهرة، مع أن أسرته كانت في الأصل من أرومة فارسية، وحلت في أسيوط منذ ثلاثة قرون قبل مولده، وكان أبوه قاضيا في القاهرة، وعلم بالشيخانية، وخطب في مسجد ابن طولون. وقد بدأ السيوطي يكتب منذ صغره، وكان يفخر بأن مؤلفاته معروفة في آسيا الصغرى، والشام، وبلاد العرب، وشمال أفريقيا، وبلاد الحبشة ذاتها، ولكن غروره وتفيهقه جعلاه مكروها عند الناس، فعزل عن أعماله المختلفة في التدريس، أو اعتزل العمل بها من تلقاء نفسه، ثم انتحى ناحية في جزيرة الروضة ومات بها. وكتابه في التاريخ يدل على انحطاط حتى إذا قورن بكتب سلفه الأقربين، ولكن من الحق أن نقول عنه كما نقول عن سلفه، إن اختيارهم للروايات كان يحوي أخبارا لها قيمة وخطر مما أغفله سواهم من أصحاب المصنفات الأخرى، أو مما ردوه ولم يروا إثباته.
على أننا لا بد أن نذكر مؤلفا آخر ذا شأن عظيم، ولم يكن من مؤلفي التاريخ، بل من الكتاب في وصف البلدان والآثار، ولم يكشف مؤلفه إلا سنة 1891، نعني به ابن دقماق، ويظهر أنه مصري، وأن وفاته كانت سنة 1406. وقد نشر الدكتور «فولرز» نص كتابه مع مقدمة اعترف فيها، وحق له ذلك، بما كان عليه المؤلف من سعة العلم التي تستلفت النظر، والقصد الأول للكتاب يدل عليه عنوانه؛ فهو وصف لبلاد مصر، وكثير من الحقائق التي حفظها ابن دقماق في كتابه لم يسبقه إلى ذكرها أحد، وهي شائقة من أروع ما كتب، ولا سيما ما كان منها في وصف آثار الفسطاط والإسكندرية، ولنضرب لذلك مثلا، فإنه يذكر أن الباب الأصلي للحصن الروماني الذي كان تحت كنيسة المعلقة كان في عام 1400 مستعملا لمرور الناس، ولعلنا نرجو أن يوفق الدكتور «فولرز» إلى نشر ترجمة لذلك الكتاب العجيب.
هذه إذن أمهات الكتب الشرقية التي استمددنا منها تاريخنا هذا، وليس منها واحد يذكر أخبار الفتح واضحة متصلة، بل نرى واجبنا أن نقول إنه ليس منها ما يذكر تلك الأخبار دقيقة، ولا يكاد الإنسان يتصور مقدار ما فيها من خلط في التواريخ والحوادث والأشخاص، ولعل القارئ يستطيع من مطالعة الملاحق التي ألحقناها في آخر الكتاب أن يتبين شيئا من مقدار ما هنالك من خلط في التاريخ، ومقدار ما عانيناه من المشقة في ابتداع طريقة لضبط تواريخ الفتح الفارسي والفتح العربي؛ فالظاهر أن مؤرخي العرب لا يعرفون شيئا عن تيودور القائد الأعلى لجيوش الروم، فهم يخلطونه ببعض أصاغر القواد، وهم كذلك يخلطون بين قيرس وبنيامين، وبين فتح قطر مصر وفتح مدينة مصر وفتح الإسكندرية، وأما معاهدة بابليون فهم يخلطونها بمعاهدة الإسكندرية،
7
وكذلك لا يميزون بين فتح الإسكندرية الأول الذي كان صلحا، وبين فتحها الثاني الذي كان عنوة في مدة ثورة منويل. والحق أننا لا ندعي أننا قد جلونا هذه الظلمات، فإنا لم نعمل سوى أن حاولنا تبيين أكبر مواطن الخلط، والوصول إلى الحقائق التي غطى عليها تناقض الأخبار. وقد حاولنا كذلك أن نكتب بغير تحيز إلى جانب القبط أو العرب؛ فبدأنا درس هذا التاريخ وكان الاعتقاد السائد أن القبط قد ساعدوا العرب ورحبوا بهم، غير أننا اضطررنا إلى أن نعتقد أن التاريخ قد ظلم القبط في ذلك ظلما فاحشا، وكذلك بدأنا درسنا على الاعتقاد الشائع أن العرب أحرقوا مكتبة الإسكندرية، غير أنا اضطررنا إلى أن نرى أن التاريخ قد ظلم العرب في ذلك ظلما فاحشا كذلك، وقد رحبنا بالرأيين الجديدين معا؛ إذ كنا ممن يحملون لكلا الشعبين العربي والقبطي أكبر الإعجاب. على أننا لا يحملنا ذلك على الانحياز لأحدهم، فما كان لنا إلا قصد واحد، وهو أن نصل إلى الحق. غير أننا نرجو أن يهتم العرب والقبط جميعا بسعينا هذا الذي سعينا إليه في تمييز الحق وتصفيته من الباطل، وفي جلاء عصر شديد الظلمة من عصور تاريخ مصر.
وكنا في كتابة الألفاظ العربية نسير على النظام المتبع في نشرة مطبعة «كلارندرن» لكتاب أبي صالح، وهو النظام الذي أقره كثير من العلماء الإنجليز باستعمالهم إياه. على أننا لم نجد من الضروري أن ننقل وفق هذا النظام ما دخل إلى اللغة الإنجليزية من الألفاظ العربية وصقله الاستعمال، مثل محمد
Mohammed ، وعمر
अज्ञात पृष्ठ