63

फतह अंदलुस

فتح الأندلس

शैलियों

وكان الأب مرتين قد ثبت بصره في أوباس ليستطلع ما يبدو منه، وكان يتوقع استياءه وغضبه ليشفي ما في نفسه؛ لأن من يتعمد إهانتك إذا لم ير قوله قد أغضبك شعر بالإهانة ترجع إليه ويشق ذلك عليه. فلما رأى مرتين أن أوباس لا يزال كما كان ولم تظهر عليه علامات الاضطراب، ولا احتد ولا أجاب باعتراض ولا استفهام توهم أن ذلك ناتج من عدم إدراكه لخطر الأمر الذي يترتب على ذلك الاجتماع فقال: «ولا يخفى على قداستكم أن جمع الأساقفة يقتضي زمنا طويلا، وأما الآن فلأن أكثرهم جاء إلى طليطلة لتهنئة جلالة الملك بعيد الميلاد فإن الانتظار لا يطول في جمع المجمع، فلا تضجر.» •••

فظل أوباس هادئا ولم يقل شيئا لأنه كان قد أدرك ذلك من تلقاء نفسه.

فلما رآه مرتين لا يزال ساكنا رابط الجأش، جاشت أحقاد صدره واشتد غيظه، فأراد أن يلمح له بالتهمة الموجهة نحوه فقال: «ويسوءني يا حضرة الميتروبوليت أن تصدر منكم أقوال تدعو إلى إساءة ظن الملك بكم كما فعلتم في مساء الأمس، فهل يليق بمثلكم أن يهدد جلالة الملك بالخلع؟ ولولا وجودي وسماعي ذلك القول بأذني ما صدقت، ثم إنكم لمحتم بمثل ذلك أيضا في كتابكم إليه الآن.»

توقع المصيبة شر من وقوعها

أدرك أوباس أنهم يريدون محاكمته بتهمة سياسية ضد الملك فاستعظم التهمة، ولكن باله ارتاح لاطلاعه على حقيقة الخبر، والإنسان يكون أكثر قلقا أثناء انتظار الخبر مما هو بعد سماعه، ولذلك قالوا: «توقع المصيبة شر من وقوعها.» فلما وقف أوباس على سر الأمر لم ير فائدة من الكلام مع مرتين في هذا الشأن فضلا عن أنه يشفي غله بذلك الكلام، فوقف بهدوء ورزانة وقال: «صبرا إلى يوم الاجتماع، وكأن رودريك لا يريد أن يبقى عندي شك في قرب سقوط دولته فزادني بعمله يقينا بدنو أجلها ...» قال ذلك ومشى ولم يترك للأب مرتين فرصة للجواب.

أما مرتين فإنه نهض بنهوض أوباس وقال وهو يظهر الشفقة عليه: «ألا تزال تقول ذلك؟! يا للعجب! كيف يطيعكم ضميركم على المؤامرة ضد الملك وسلطانه وحياته، وأنتم تعلمون أن الكنيسة هي التي نصبته بإجماع أساقفتها؟!»

فأدرك أوباس أنه يريد أن يستدرجه في الحديث ليضاعف التهمة عليه ويشفي غليله منه، فتركه يتكلم وتحول عنه وولى وجهه إلى نافذة تطل على الحديقة.

فلما رأى مرتين ذلك منه ضحك وهرول مسرعا نحو الباب وهو ينادي الضابط، فلما حضر بين يديه قال له: «يأمرك الملك أن تحتفظ بهذا السجين لأن أمره ذو شأن، واحذر أن يفلت منك.»

فأشار الضابط برأسه أن: «نعم.» وخرج الأب مرتين ظافرا منتصرا لولا ما ساءه من رباطة جأش أوباس وتأنيه وصبره، وكان يود أن يرى منه حدة أو غضبا ليوسعه تأنيبا ويشفي غليله منه.

أما أوباس فإنه عاد إلى التفكير، وهو لا يزال مشغولا على فلورندا، فتذكر ألفونس وخروجه بالأمس لقيادة الجند فأراد الاستفهام عن مقره، فعاد إلى الباب واستدعى الضابط فوقف بين يديه، فقال له: «هل علمت بخروج الأمير ألفونس من طليطلة؟»

अज्ञात पृष्ठ