فتح القدير على الهداية

Ibn al-Humam d. 861 AH
186

فتح القدير على الهداية

فتح القدير على الهداية

प्रकाशक

دار الفكر

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशक स्थान

بيروت

استعمل الكراهة هنا بالمعنى اللغوي فيشمل عدم الجواز وغيره مما هو مطلوب العدم أو هو بالمعنى العرفي والمراد كراهة التحريم لما عرف من أن النهي الظني الثبوت غير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم وإن كان قطعيه أفاد التحريم فالتحريم في مقابلة الفرض في الرتبة وكراهة التحريم في رتبة الواجب والتنزيه برتبة المندوب والنهي الوارد من الأول فكان الثابت به كراهة التحريم وهي في الصلاة إن كانت لنقصان في الوقت منعت أن يصح فيه ما تسبب عن وقت لا نقص فيه لا لأنها كراهة تحريم بل لعدم تأدي ما وجب كاملا ناقصا فلذا قال عقيب ترجمته بالكراهة لا تجوز الصلاة الخ لكن إن أريد بعدم الجواز عدم الصحة والصلاة عام لم يصدق في كل صلاة لأنه لو شرع في نفل في الأوقات الثلاثة صح شروعه حتى وجب قضاؤه إذا قطعه خلافا لزفر ويجب قطعه وقضاؤه في غير مكروه في ظاهر الرواية ولو أتمه خرج عن عهدة ما لزمه بذلك الشروع وفي المبسوط القطع أفضل والأول هو مقتضى الدليل وإن أريد عدم الحل كان أعم من عدم الصحة فلا يستفاد منه خصوص ما هو حكم القضاء من عدم الصحة وهو مقصود الإفادة والظاهر أن مقصوده الثاني ولذا استدل بحديث عقبة بن عامر الثابت في مسلم وغيره ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف للغروب حتى تغرب وهو إنما يفيد عدم الحل في جنس الصلاة دون عدم الصحة في بعضها بخصوصه والمفيد لها إنما هو قوله صلى الله عليه وسلم إن الشمس تطلع بين قرني شيطان فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها وإذا غربت فارقها ونهى عن الصلاة في تلك الساعات رواه مالك في الموطأ والنسائي فإنه أفاد كون المنع لما اتصل بالوقت مما يستلزم فعل الأركان فيه التشبه بعبادة الكفار وهذا المعنى بنقصان الوقت وإلا فالوقت لا نقص فيه نفسه بل هو وقت كسائر الأوقات إنما النقص في الأركان فلا يتأدى بها ما وجب كاملا فخرج الجواب عما قيل لو ترك بعض الواجبات صحت الصلاة مع أنها ناقصة تأدى بها الكامل لأن ترك الواجب لا يدخل النقص في الأركان التي هي المقومة للحقيقة بخلاف فعل الأركان في ذلك الوقت وعن الكافر والصبي والمجنون إذا أسلم وبلغ وأفاق في الجزء المكروه فلم يؤد حتى خرج الوقت فإن السبب في حقهم لا يمكن جعله كل الوقت حين خرج إذ لم يدركوا مع الأهلية إلا ذلك الجزء فليس السبب في حقهم إلا إياه ومع هذا لو قضوا في وقت مكروه لا يجوز لأن الثابت في ذمته كامل إذ لا نقص في الوقت نفسه بل المفعول فيه يقع ناقصا غير أن تحمل ذلك النقص لو أدى فيه العصر ضروري لأنه مأمور بالأداء فيه فإذا لم يؤد لم يوجد النقص الضروري وهو في نفسه كامل فيثبت في ذمته كذلك فلا يخرج عن عهدته إلا بكامل بخلاف ما لو قضى في وقت مكروه ما قطعه من النفل المشروع فيه في وقت مكروه حيث يخرجه عن العهدة وإن كان آثما لأن وجوبه ضرورة صيانة المؤدي عن البطلان ليس غير والصون عن البطلان يحصل مع النقصان وكذا سجدة التلاوة في الوقت المكروه وصلاة الجناز لأنهما لإظهار مخالفة الكفار بالإنقياد وقضاء حق الميت بالدعاء له وكل منهما يتحقق مع النقصان أو نقول عند التلاوة يخاطب بالأداء موسعا ومن ضرورته تحمل ما يلزمه من النقص لو أدى عندها بخلاف ما إذا تليت في غير مكروه فإن الخطاب لم يتحقق بأدائها في وقت مكروه موسعا فلا يجوز قضاؤها في مكروه وهذا الوجه أسلم إذ يستلزم الأول جواز أدائها في مكروه وإن تليت في غيره ومثله بعينه في صلاة الجنازة وهو معنى قول المصنف حتى لو صلاها فيه أو تلا سجدة فيه وسجدها إلى قوله إذ الوجوب بحضور الجنازة والتلاوة يقتضي كلامه أن الأولى تأخيرهما إذا تحقق سببهما في الوقت المكروه

पृष्ठ 232