38

फतावा कुबरा

الفتاوى الفقهية الكبرى

प्रकाशक

المكتبة الإسلامية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशक स्थान

مصر

الْمَاءِ؟ (فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا يَنْجُسُ مُلَاقِي الْكَلْبِ فِي خِلَالِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَاءِ مَانِعَةٌ مِنْ وُصُولِ أَثَرِ النَّجَسِ إلَى غَيْرِهِ لِتَضَادِّ مَا بَيْنَهُمَا. (وَسُئِلَ) - أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِهِ - عَمَّنْ تَنَجَّسَ بَاطِنُ عَيْنِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ وَإِنْ خَافَ مِنْهُ تَلَفًا أَوْ بُطْءَ بُرْءٍ أَوْ قِلَّةَ ضَوْءٍ؟ (فَأَجَابَ) ﵁ بِقَوْلِهِ: يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّجَاسَةَ أَفْحَشُ مِنْ الْحَدَثِ لِأَنَّهُ مَعْنَوِيٌّ وَهِيَ حِسِّيَّةٌ فَشُدِّدَ فِيهَا مَا لَمْ يُشَدَّدْ فِي الْحَدَثِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ غَسْلِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ مُبِيحٌ تَيَمَّمَ، وَالْأَصْلِيُّ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَأَعَادَ وُجُوبًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَسُئِلَ) ﵁ عَنْ مُصْحَفٍ لِيَتِيمٍ أَوْ مَوْقُوفٍ بَالَ عَلَيْهِ كَلْبٌ مَثَلًا وَلَمْ يُمْكِنْ تَطْهِيرُهُ إلَّا بِإِزَالَةِ حُرُوفِ كِتَابَتِهِ وَبُطْلَانِ مَالِيَّتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ النَّاظِرِ التَّطْهِيرُ الْمُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (فَأَجَابَ) - نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ - بِقَوْلِهِ: الَّذِي مِلْت إلَيْهِ الْوُجُوبُ ثُمَّ رَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَفْتَى بِهِ أَخْذًا بِعُمُومِ قَاعِدَةِ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَقِيَاسًا عَلَى إزَالَةِ نَجَاسَةِ بَدَنِ الشَّهِيدِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إزَالَةِ دَمِهِ وَأَقُولُ لَا يُحْتَاجُ لِذَلِكَ، بَلْ لِلْأَصْحَابِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ كَلَامٌ يَعُمُّ مَسْأَلَتَنَا. وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ إذَا دَخَلَتْ تَحْتَ عُمُومِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَانَتْ مَنْقُولَةً، وَذَلِكَ الْكَلَامُ الشَّامِلُ لِمَسْأَلَتِنَا هُوَ قَوْلُهُمْ يَجِبُ التَّتْرِيبُ وَإِنْ أَدَّى إلَى فَسَادِ نَحْوِ الثَّوْبِ وَإِذْهَابِ مَالِيَّتِهِ. وَهَذَا شَامِلٌ لِمَسْأَلَتِنَا فَيَكُونُونَ مُصَرِّحِينَ فِيهَا بِوُجُوبِ التَّطْهِيرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إزَالَةِ الْكِتَابَةِ وَإِبْطَالِ الْمَالِيَّةِ فَإِنْ قُلْت: صَرَّحُوا بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ لَا تَجِبُ إلَّا فِي صُوَرٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ مِنْهَا فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ لَا تَجِبُ إزَالَتُهَا. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُصْحَفَ لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهِ، فَبَقَاءُ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ لِهَذَا الْعُذْرِ وَهُوَ بَقَاءُ الْمَالِيَّةِ لِلْيَتِيمِ، وَالِانْتِفَاعُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا قُلْت: هُوَ كَذَلِكَ لَوْلَا مَا عَارَضَ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ بَقَاءَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُصْحَفِ فِيهِ ازْدِرَاءٌ، وَعَدَمُ الْقِيَامِ بِاحْتِرَامِهِ فَاقْتَضَتْ رِعَايَةُ ذَلِكَ وُجُوبَ تَطْهِيرِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَحْوِهِ وَبُطْلَانِ مَالِيَّتِهِ، وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ تَعَارَضَ مَعَنَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَهُوَ النَّظَرُ؛ لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَعْظِيمُ الْمُصْحَفِ وَإِزَالَةُ مَا يُنَافِي تَعْظِيمَهُ، فَتَقْدِيمُنَا هَذَا الثَّانِي عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ مِنْ تَقْدِيمِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْخَطَرَ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ هُنَا أَعْظَمُ مِنْ خَطَرِ فَوَاتِ الْمَالِيَّةِ عَلَى أَنَّ فَوَاتَهَا لِأَجْلِ تَعْظِيمِ مَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمُصْحَفِ لَا خَطَرَ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ قِنَّ الْيَتِيمِ يَجِبُ قَتْلُهُ بِنَحْوِ تَرْكِ الصَّلَاةِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَكَذَلِكَ الْقِنُّ الْمَوْقُوفُ فَعَلِمْنَا أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا بَدَلَ لَهَا وَلَا تُسْتَدْرَكُ مَفْسَدَتُهَا تُقَدَّمُ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّ، وَبِهَذَا ظَهَرَ مَا قُلْنَاهُ وَاتَّضَحَ مَا حَرَّرْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ الْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ هَلْ يُقَالُ انْقَلَبَتْ عَيْنُهَا أَمْ لَا؟ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ قَائِلٌ. (فَأَجَابَ) ﵁ بِقَوْلِهِ: إنْ أُرِيدَ بِانْقِلَابِهَا مَعَ التَّخَلُّلِ أَنَّ جِسْمَهَا عَادَ بِعَيْنِهِ جِسْمًا آخَرَ هُوَ الْخَلُّ فَهُوَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْجِسْمَ لَا يَصِيرُ جِسْمًا آخَرَ، كَمَا أَنَّ الْجَوْهَرَ لَا يَصِيرُ جَوْهَرًا آخَرَ، وَكَمَا لَا يَرْجِعُ الْجَوْهَرُ عَرَضًا وَعَكْسُهُ، بَلْ وَلَا الْعَرَضُ عَرَضًا آخَرَ كَالْبَيَاضِ سَوَادًا أَوْ عَكْسِهِ، بَلْ وَلَا الْبَيَاضِ بَيَاضًا آخَرَ فَإِذَا صَارَ ثَوْبٌ أَبْيَضُ أَسْوَدَ لَمْ يَنْقَلِبْ الْبَيَاضُ سَوَادًا، لَكِنْ أَعْدَمَ اللَّهُ الْبَيَاضَ وَأَخْلَفَ مَكَانَهُ سَوَادًا بِقُدْرَتِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الصِّفَاتِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ جِسْمَ الْخَمْرِ انْعَدَمَ وَخَلَّفَ الْخَلَّ مَكَانَهُ بِغَيْرِ فَصْلٍ فَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَإِنْ جَازَ فِي الْقُدْرَةِ إذْ لَيْسَ كُلُّ جَائِزٍ فِيهَا وَاقِعًا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ بِالْحِسِّ أَوْ بِخَبَرِ الصَّادِقِ أَلَا تَرَى أَنَّ إعْدَامَ الْخَمْرِ وَإِخْلَافَ مَكَانِهِ الْخَلَّ جَائِزٌ فِي الْقُدْرَةِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَجَبَ تَكْذِيبُ مُدَّعِيهِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَضْرَتِنَا خَلْقًا وَلَا يَخْلُقُ لَنَا إدْرَاكًا لَهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ مُدَّعٍ لَمْ نُصَدِّقْهُ، بَلْ لَا نَشُكُّ فِي كَذِبِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ جِنْسَ الْخَمْرِ بَعْدَ التَّخَلُّلِ هُوَ الْخَمْرُ بِعَيْنِهِ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَوْ جَازَ الشَّكُّ فِيهِ لَشَكَّ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ مِنْ صِحَّةٍ لِمَرَضٍ وَعَكْسِهِ هَلْ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ ضَرُورَةً عَاقِلًا أَنْ يَتَوَهَّمَهُ وَكَذَا الْخَمْرُ، وَإِنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ صِفَاتِ الْخَلِّ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ غَيْرَ صِفَاتِ الْخَمْرِ

1 / 39