كَادَت تتواتر بِخِلَافِهِ كَمَا ستملى عَلَيْك. وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ تَكْفِير الْأَئِمَّة المصرحين فِي كتبهمْ بِمَا يكذب هَؤُلَاءِ فِي زعمهم وَأَن هَذَا الْمَيِّت لَيْسَ الْمهْدي الْمَذْكُور، وَمن كفر مُسلما لدينِهِ فَهُوَ كَافِر مُرْتَد يضْرب عُنُقه إِن لم يتب، وَأَيْضًا فَهَؤُلَاءِ منكرون للمهدي الْمَوْعُود بِهِ آخر الزَّمَان. وَقد ورد فِي حَدِيث عِنْد أبي بكر الإسكافي أَنه ﷺ قَالَ: (من كذب بالدجال فقد كفر وَمن كذب بالمهدي فقد كفر) وَهَؤُلَاء مكذبون بِهِ صَرِيحًا فيخشى عَلَيْهِم الْكفْر، فعلى الإِمَام أيد الله بِهِ الدّين وقصم بِسيف عدله رِقَاب الطغاة والمبتدعة والمفسدين، كهؤلاء الْفرْقَة الضَّالّين الباغين الزَّنَادِقَة المارقين أَن يطهر الأَرْض من أمثالهم ويريح النَّاس من قبائح أَقْوَالهم وأفعالهم، وَأَن يُبَالغ فِي نصْرَة هَذِه الشَّرِيعَة الغراء الَّتِي لَيْلهَا كنهارها ونهارها كليلها فَلَا يضل عَنْهَا إِلَّا هَالك، بِأَن يشدد على هَؤُلَاءِ الْعقُوبَة إِلَى أَن يرجِعوا إِلَى الْهدى وينكفوا عَن سلوك سَبِيل الردى ويتخلصوا من شرك الشّرك الْأَكْبَر، وينادي على قطع دابرهم إِن لم يتوبوا بِاللَّه الْأَكْبَر، فَإِن ذَلِك من أعظم مهمات الدّين وَمن أفضل مَا اعتنى بِهِ فضلاء الْأَئِمَّة وَعُظَمَاء السلاطين، وَقد قَالَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي نَحْو هَؤُلَاءِ الْفرْقَة: إِن قتل الْوَاحِد مِنْهُم أفضل من قتل مائَة كَافِر: أَي لِأَن ضررهم بِالدّينِ أعظم وأشدّ إِذْ الْكَافِر تجتنبه الْعَامَّة لعلمهم بقبح حَاله فَلَا يقدر على غواية أحد مِنْهُم، وَأما هَؤُلَاءِ فيظهرون للنَّاس بزِي الْفُقَرَاء وَالصَّالِحِينَ مَعَ انطوائهم على العقائد الْفَاسِدَة والبدع القبيحة فَلَيْسَ للعامة إِلَّا ظَاهِرهمْ الَّذِي بالغوا فِي تحسينه، وَأما باطنهم المملوء من تِلْكَ القبائح والخبائث فَلَا يحيطون بِهِ وَلَا يطلعون عَلَيْهِ لقصورهم عَن إِدْرَاك المخايل الدَّالَّة عَلَيْهِ فيغترون بظواهرهم، ويعتقدون بِسَبَبِهَا فيهم الْخَيْر فيقبلون مَا يسمعُونَ مِنْهُم من الْبدع وَالْكفْر الْخَفي وَنَحْوهمَا، ويعتقدون ظانِّين أَنه الْحق فَيكون ذَلِك سَببا لإضلالهم وغوايتهم، فلهذه الْمفْسدَة الْعَظِيمَة قَالَ الْغَزالِيّ مَا قَالَ من أَن قتل الْوَاحِد من أَمْثَال هَؤُلَاءِ أفضل من قتل مائَة كَافِر، لِأَن الْمَفَاسِد والمصالح تَتَفَاوَت الْأَعْمَال بتفاوتهما، وتتزايد الأجور بحسبهما. إِذا تقرر ذَلِك فلنمل عَلَيْك من الْأَحَادِيث المصرحة بتكذيب هَؤُلَاءِ وتضليلهم وتفسيقهم مَا فِيهِ مقنع وكفاية لمن تدبره. وَأخرج أَبُو نعيم أَنه ﷺ قَالَ: (يخرج الْمهْدي وعَلى رَأسه عِمَامَة وَمَعَهُ مُنَاد يُنَادي هَذَا الْمهْدي خَليفَة الله فاتبعون) . وَأخرج هُوَ والخطيب رِوَايَة أُخْرَى (يخرج الْمهْدي وعَلى رَأسه ملك يُنَادي إِن هَذَا الْمهْدي فَاتَّبعُوهُ) . وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط): (أَنه ﷺ أَخذ بيد عليّ فَقَالَ: يخرج من صلب هَذَا فَتى يمْلَأ الأَرْض قسطًا وعدلًا، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَعَلَيْكُم بالفتى التَّمِيمِي فَإِنَّهُ يقبل من قبل الْمشرق وَهُوَ صَاحب راية الْمهْدي) . وَأخرج أَحْمد ونعيم بن دَاوُد وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم أَنه ﷺ قَالَ (إِذا رَأَيْتُمْ الرَّايَات السود قد أَقبلت من خُرَاسَان فأتوها وَلَو حبوًا على الثَّلج فَإِن فِيهَا خَليفَة الله الْمهْدي. وَأخرج الداني عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله ﷺ: (تكون وقْعَة بالزوراء، قيل يَا رَسُول الله وَمَا الزَّوْرَاء؟ قَالَ: مَدِينَة بالمشرق بَين أَنهَار يسكنهَا شرار خلق الله وجبابرة من أمتِي تقذف بأَرْبعَة أَصْنَاف من الْعَذَاب بِالسَّيْفِ وَخسف وَقذف ومسخ) . وَقَالَ رَسُول الله ﷺ: (إِذا خرجت السودَان طلبت الْعَرَب فيكشفون حَتَّى يلْحقُوا بِبَطن الأَرْض أَو قَالَ بِبَطن الْأُرْدُن، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ خرج السفياني فِي سِتِّينَ وثلثمائة رَاكب حَتَّى يَأْتِي دمشق، فَلَا يَأْتِي عَلَيْهِم شهر حَتَّى يُتَابِعه من كلب ثَلَاثُونَ ألفا فيبعث جَيْشه إِلَى الْعرَاق فَيقْتل بالزوراء مائَة ألف وَيخرجُونَ إِلَى الْكُوفَة فينتهبونها، فَعِنْدَ ذَلِك تخرج راية من الْمشرق ويقودها رجل من تَمِيم يُقَال لَهُ شُعَيْب بن صَالح فيستنقذ مَا فِي أَيْديهم من سبي أهل الْكُوفَة ويقتلهم، وَيخرج جَيش آخر من جيوش السفياني إِلَى الْمَدِينَة فينتهبونها ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ يَسِيرُونَ إِلَى مَكَّة حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ بعث الله جِبْرِيل فَيَقُول يَا جِبْرِيل عذبهم فيضربهم بِرجلِهِ ضَرْبَة يخسف الله بهم فَلَا يبْقى مِنْهُم إِلَّا رجلَانِ فيقدمان على السفياني ويخبرانه بخسف الْجَيْش فَلَا يهوله، ثمَّ إِن رجَالًا من قُرَيْش يهربون إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة، فيبعث السفياني إِلَى عَظِيم الرّوم أَن يبْعَث بهم فِي المجامع فيبعث بهم إِلَيْهِ فَيضْرب أَعْنَاقهم على بَاب الْمَدِينَة بِدِمَشْق) قَالَ حُذَيْفَة: حَتَّى إِنَّه يُطَاف بِالْمَرْأَةِ فِي مَسْجِد دمشق فِي الْيَوْم على مجْلِس حَتَّى تَأتي فَخذ السفياني فتجلس عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمِحْرَاب قَاعد، فَيقوم مُسلم من الْمُسلمين
1 / 27