39

فتاوى الصلاة

فتاوى الصلاة

अन्वेषक

عبد المعطى عبد المقصود محمد

प्रकाशक

مكتب حميدو

وروي أهل السنن عنه حديثين أو ثلاثة أنه أمر المستخاضة بالجمع بين الصلاتين في حديث حمنة بنت جحش، وغيرها، فهذا الجمع بالمدينة للمطر ولغير مطر. وقد نبه ابن عباس على الجمع للخوف والمطر. والجمع عند المسير في السفر؛ يجمع في المقام وفي السفر لرفع الحرج. فعلم بذلك أنه ليس السفر سبب للجمع، كما هو سبب للقصر فإن قصر العدد دائر مع السفر وجوداً وعدماً، وأما الجمع فقد جمع في غير سفر، وقد كان في السفر يجمع للمسير، ويجمع في مثل عرفة ومزدلفة، ولا يجمع في سائر مواطن السفر، وأمر المستحاضة بالجمع.

فظهر بذلك أن الجمع هو لرفع الحرج، فإذا كان في التفريق حرج جاز الجمع، وهو وقت العذر والحاجة. ولهذا قال الصحابة: كعبد الرحمن بن عوف وابن عمر في الحائض إذا طهرت قبل الغروب: صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء وقال بذلك أهل الجمع: كمالك والشافعي وأحمد، فهذا يوافق «قاعدة الجمع» في أن الوقت مشترك بين صلاتي الجمع عند الضرورة والمانع. فمن أدرك آخر الوقت المشترك فقد أدرك الصلاتين كلاهما.

ومن قال من أصحابنا وغيرهم: إن الجمع معلق بسفر القصر وجوداً وعدماً، حتى منعوا الحاج الذين بمكة وغيرهم من الجمع بين صلاتي العشي(١٢) وصلاتي العشاء(١٣)، فما أعلم لقولهم حجة تعتمد؛ بل خلاف السنة المعلومة يقيناً عن النبي ﷺ. فإنا قد علمنا أنه لم يأمر أحداً من الحجاج معه من أهل مكة أن يؤخروا العصر إلى وقتها المختص، ولا يعجلوا المغرب قبل الوصول إلى مزدلفة، فيصلوها إما بعرفة، وإما قريباً من المأزمين، هذا مما هو معلوم يقيناً، ولا قال هذا أحمد، بل كلامه ونصوصه تقتضي أنه يجمع بين الصلاتين، ويؤخر المغرب جميع أهل الموسم، كما جاءت به السنة، وكما اختاره طوائف من أصحابه: كأبي الخطاب في العبادات، وأبي محمد المقدسي وغيرهما.

ثم إما أن يقال: أن الجمع معلق بالسفر مطلقاً، قصيره وطويله، إما مطلقاً، وإما لأجل المسير، وإما أن يقال الجمع بمزدلفة لأجل النسك، كما يقوله من يقوله

(١٢) الظهر والعصر.

(١٣) المغرب والعشاء.

39