95

फतावा अल-सुबकी

فتاوى السبكي

प्रकाशक

دار المعارف

إلَيْهِمَا، لِأَنَّ حَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ كَالْفِعْلِ؛ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ عَامِلٌ فِيهِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَذَا بَعْدَهُ. وَاخْتَارَ أَبُو حَيَّانَ فِي إعْرَابِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: فَادْخُلُوا غَيْرَ نَاظِرِينَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ [النحل: ٤٤] أَيْ أَرْسَلْنَاهُمْ. وَالتَّقْدِيرُ فِي تِلْكَ الْآيَةِ قَوِيٌّ، لِأَجْلِ الْبُعْدِ وَالْفَصْلِ. وَأَمَّا هُنَا فَيُحْتَمَلُ هُوَ وَمَا قُلْنَاهُ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُمْ لَا يُسْتَثْنَى بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ - دُونَ عَطْفٍ - شَيْئَانِ هَلْ هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ وَمَا الْمُخْتَارُ فِيهِ؟ . قُلْت: قَالَ ابْنُ مَالِكٍ ﵀ فِي التَّسْهِيلِ لَا يُسْتَثْنَى بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ - دُونَ عَطْفٍ - شَيْئَانِ. وَيُوهِمُ ذَلِكَ بَدَلٌ وَمَعْمُولُ فِعْلٍ مُضْمَرٍ لَا بَدَلَانِ، خِلَافًا لِقَوْمٍ. قَالَ أَبُو حَيَّانَ إنَّ مِنْ النَّحْوِيِّينَ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ، ذَهَبُوا إلَى إجَازَةِ " مَا أَخَذَ أَحَدٌ إلَّا زَيْدٌ دِرْهَمًا. وَمَا ضَرَبَ الْقَوْمُ إلَّا بَعْضُهُمْ بَعْضًا " قَالَ وَمَنَعَ الْأَخْفَشُ وَالْفَارِسِيُّ، وَاخْتَلَفَا فِي إصْلَاحِهَا، فَتَصْحِيحُهَا عِنْدَ الْأَخْفَشِ بِأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى " إلَّا " الْمَرْفُوعُ الَّذِي بَعْدَهَا، فَتَقُولُ " مَا أَخَذَ أَحَدٌ زَيْدٌ إلَّا دِرْهَمًا، وَمَا ضَرَبَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إلَّا بَعْضًا " قَالَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ السَّرَّاجِ وَابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ حَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إنَّمَا يُسْتَثْنَى بِهِ وَاحِدٌ، وَتَصْحِيحُهَا عِنْدَ الْفَارِسِيِّ بِأَنْ يَزِيدَ فِيهَا مَنْصُوبًا قَبْلَ " إلَّا " فَنَقُولُ " مَا أَخَذَ أَحَدٌ شَيْئًا إلَّا زَيْدٌ دِرْهَمًا، وَمَا ضَرَبَ الْقَوْمُ أَحَدًا إلَّا بَعْضُهُمْ بَعْضًا " قَالَ أَبُو حَيَّانَ وَلَمْ نَدْرِ تَخْرِيجَهُ لِهَذَا التَّرْكِيبِ، هَلْ هُوَ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْبَدَلِ فِيهِمَا، كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي " مَا أَعْطَيْت أَحَدًا دِرْهَمًا إلَّا عَمْرًا وَاقِفًا " أَيُبَدَّلُ الْمَرْفُوعُ مِنْ الْمَرْفُوعِ وَالْمَنْصُوبُ مِنْ الْمَنْصُوبِ أَوْ هُوَ عَلَى أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا بَدَلًا وَالثَّانِي مَعْمُولَ عَامِلٍ مُضْمَرٍ، فَيَكُونُ " إلَّا زَيْدٌ " بَدَلًا مِنْ " أَحَدٌ " وَ" إلَّا " بَعْضًا " بَدَلًا مِنْ " الْقَوْمُ " وَ" دِرْهَمًا " مَنْصُوبٌ بِ ضَرَبَ مُضْمَرَةٍ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ مَالِكٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ أَنْ يَعُودَ لِقَوْلِهِ " لَا بَدَلَانِ " فَكَوْنُ ذَلِكَ خِلَافًا فِي التَّخْرِيجِ لَا خِلَافًا فِي صِحَّةِ التَّرْكِيبِ. وَالْخِلَافُ كَمَا ذَكَرْته مَوْجُودٌ فِي صِحَّةِ التَّرْكِيبِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا التَّرْكِيبُ صَحِيحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَخْرِيجٍ لَا بِتَصْحِيحِ الْأَخْفَشِ وَلَا بِتَصْحِيحِ الْفَارِسِيِّ هَذَا كَلَامُ أَبِي حَيَّانَ ﵀ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّرْكِيبِ خِلَافًا الْأَخْفَشُ وَالْفَارِسِيُّ يَمْنَعَانِهِ وَغَيْرُهُمَا يُجَوِّزُهُ وَالْمُجَوِّزُونَ لَهُ ابْنُ السَّرَّاجِ. يَقُولُ هُمَا بَدَلَانِ؛ وَابْنُ مَالِكٍ يَقُولُ أَحَدُهُمَا بَدَلٌ وَالْآخَرُ مَعْمُولُ عَامِلٍ مُضْمَرٍ. وَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ إنَّهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا نَقَلَ أَبُو حَيَّانَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ وَقَوْلُهُ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ " إنَّ مِنْ النَّحْوِيِّينَ مَنْ أَجَازَهُ " مَحْمُولٌ عَلَى التَّرْكِيبِ لَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَبِي حَيَّانَ

1 / 97