فقالت: «نعم، أعلم ذلك.»
قال: «أرى أن تتنكري بثوب جارية مغربية، وأن أجعلك هدية لبنت الإخشيد ولا ريب عندي أنها لا تلبث أن تخاطبك حتى تستسلم لرأيك والأمر بعد ذلك لفطنتك.»
فنهضت وقالت: «أنا مستعدة للذهاب من يأخذني وكيف أصنع؟»
قال: «تمهلي ... إني عائد بعد قليل وإنما أتقدم إليك أن تلبسي ثوبا مثل أثواب الجواري ...» قال ذلك وخرج.
فلبست وأصلحت شعرها وغيرت هندامها حتى أصبح من يراها لا يشك في أنها جارية وقد زادها الضعف جمالا وهيبة. ثم جاء يعقوب ومعه رجل عرفت أنه تاجر الرقيق الذي قبضوا عليه في القيروان ووقف بين يدي المعز واعترف أنه جاء ليبتاع جواري لبنت الإخشيد فتجاهلت.
ثم تقدم يعقوب وقال: «هذه هي الجارية يا سيدي ... كيف تراها؟»
قال: «لا بأس بها.»
فضحك يعقوب وقال: «لا تقل لا بأس، بل قل إنها جميلة، وأظنها تعجب مولاتنا كثيرا؛ نظرا لما فطرت عليه من الذكاء والأدب فضلا عن الجمال.»
فقال الرجل «ما اسمها وكم ثمنها؟»
قال: «اسمها سلامة وأما الثمن فإني لا أتاجر بالرقيق كما قلت لك وإنما أردت أن أفعل ذلك خدمة لمولاتنا. خذها إليها ويكفيني أن تقبل هذه الهدية مني، ولكن هذه الفتاة عزيزة علي؛ لأني أعرف منشأها، فلا ينبغي أن تعامل مثل سائر الجواري. أوص السيدة بنت الإخشيد بذلك إذا شئت.»
अज्ञात पृष्ठ