فسكت حماد وسارا معا على فرسيهما حتى مرا ببساتين القرية بين أشجارها والناس نيام فوصلا المنزل في أطراف تلك القرية فدخلاه وقد أنير غرفه بالمصابيح فأسرع حماد إلى غرفته فجاؤوه بالماء والثياب فغسل وجهه ويديه ورجليه وبدل ثيابه واتكأ إلى وسادة ووالده إلى جانبيه واسمه عبد الله وهو أمير من أمراء العراق اللخميين ذوي اليسار وقد بلغ الخامسة والأربعين من عمره قضى معظمها في الأسفار والحروب في الشام ومصر والحجاز واليمن والعراق فحنكته التجارب وعلمته الأيام ولكنه انقطع في ذلك العام إلى حماد لقضاء مهمة جاء من أجلها إلى بلاد الشام.
فلما جلسا قال عبد الله: «ما الذي أخر مجيئك إلى الآن يا ولدي.»
قال: «ألم أقل لك في مساء الأمس أني سائر في هذا الصباح إلى صرح الغدير.»
قال: «بلى ولكن هل طال مقامكم في السباق إلى الآن وهل كان المتسابقون كثيرين.»
قال: «نعم يا أبتاه أن السباق لم ينته إلى الغروب ثم احتفلوا بإلباس الدرع للسابق أما المتسابقون فكانوا كثيرين وفيهم جماعة كبيرة من أمراء غسان وفى مقدمتهم ثعلبة ابن الحارث صاحب بصرى.»
فقال: «ومن هو السابق يا ترى.»
قال: «ولدك حماد.»
فقال: «لا شلت يمينك هكذا تكون الفروسية فقد سبقت أمراء غسان وأنت غريب بينهم فهل لبست الدرع وأين هي.»
قال: «وقد نلت قصب السبق ولبست الدرع بعد جدال طويل ولكنني عاينت من كرم أخلاق جبلة ورجاله ما حقق لنا ما نسمعه عن حسن وفادة الغسانيين أما الدرع فهي في الخرج.»
فقال عبد الله: «وهل نزلت فتاة غسان للسباق هذه المرة فقد أخبرتني المرة الماضية وسمعت من كثيرين أنها تحسن الفروسية وكثيرا ما تنزل ميدان السباق لمسابقة الفرسان.»
अज्ञात पृष्ठ