قال: «وما الذي عساي أن أفعله في هذا القبيل.»
قال: «توصي بنا رجلا من خاصتك نثق بإخلاصه وتعقله ليدر بنا في مكة لأننا غرباء والغريب أعمى ولو كان بصيرا.»
ففكر عمر ساعة ثم قال: «لي في مكة عم شيخ يقيم في الكعبة نهاره كله وهو واسع الإطلاع نافذ الكلمة لدى أبي سفيان فإذا لقيتموه واستعنتموه في شأن هداكم إلى سواء السبيل واسمه حرب فإذا دخلتم مكة وجئتم الكعبة اسألوا عن حرب الخزاعي فإذا لقيتموه رأيتم فيه شيخا طاعنا في السن فقولوا له أن ابن أخيك عمر بن سالم يقرئك السلام فإذا وصفتم له حالنا وما شرحته لكم من أمر خزاعة وبكر علم أنكم صادقون في قولكم فاسألوه ما شئتم فانه خير مرشد لكم في ما تريدون.»
فنهض حماد عن ذلك وأثنى على عمر وودعاه وانصرفا إلى خيتمهما.
وبعد قليل نهض الركب الخزاعي ويمموا المدينة وقد سر سلمان لتلك الصدفة وأمل أن ينال بها خيرا.
الفصل السادس والأربعون
مكة المكرمة
وفي ظهيرة ذلك اليوم ركبوا يريدون مكة فوصلوها بعد مسيرة يوم فدخلوها فرأوا أهلها في هرج ومرج لا حديث لهم إلا أم خزاعة وبكر فساروا في طرقها لا يستغشهم أحد لكثرة الواردين على الكعبة من الغرباء وأرادوا المسير إلى الكعبة في ذلك اليوم فقال سلمان: «هلم بنا إلى خان ننزل فيه بجمالنا وأثقالنا ثم ننزل الكعبة أو أنزل أنا وحدي أتجسس الأخبار وأعود إليك» فقصدوا خانا بالقرب من الكعبة نزلوا فيه فبدلوا ثيابهم وتناولوا طعاما واستراحوا بقية يومهم وسلمان يفكر في وسيلة تكفل لهم نجح مسعاهم.
فلما أصبحوا في اليوم التالي قال سلمان: «امكث هنا يا مولاي ريثما أتدبر الأمر بنفسي وآتيك بالأخبار وإذا أبطأت عليك فلا ينشغل بالك.»
قال حماد: «سر بحراسة الله.»
अज्ञात पृष्ठ